Слова о началах этики
كلمات في مبادئ علم الأخلاق
Жанры
غير أن النفس قوى مختلفة، ووظائف متنوعة؛ فهناك ملكات الإدراك، والتفكير، والحكم، والتخيل، والتذكر، وهناك الوجدانات والانفعالات، وهناك الغرائز والنزعات. فإذا كانت هذه القوى النفسية كلها تصدر عنها آثارها في سهولة ويسر، هل يسوغ لنا أن نسمي شيئا منها خلقا؟ ... كلا!
نحن بحاجة إذن إلى مزيد إيضاح وتحديد، تتميز به حقيقة المقصود من هذه التسمية، وينجلي به الإبهام الذي تنطوي عليه التعريفات السابقة.
ونبادر فنقول: إن الخلق ليس صفة للنفس في جملتها، ولكن في جانب معين من جوانبها. وليس هذا الجانب هو جانب العقل والمعرفة، ولا جانب الشعور والعاطفة؛ وإنما هو جانب القصد والإرادة.
ونضيف إلى هذا التقييد تقييدا آخر، فنقول: إن الخلق يتعلق بنوع خاص من الأهداف الإرادية، وهو تلك الأهداف التي ينشأ عن اختيارها وصف يعود على النفس بأنها خيرة أو شريرة.
من هاتين الخاصتين نستطيع أن ننظم التعريف التالي: «الخلق هو قوة راسخة في الإرادة، تنزع بها إلى اختيار ما هو خير وصلاح - إن كان الخلق حميدا - أو إلى اختيار ما هو شر وجور - إن كان الخلق ذميما.»
هكذا تتميز الحقيقة الخلقية عما عداها من الصفات النفسية.
ألا ترى أن جودة الذاكرة أو ضعفها، وسلامة الذوق أو سقمه، وبراعة الخيال أو تبذله، وحدة الذهن أو تبلده، لا مدخل لها في موازين الأخلاق، ولا يسري منها الحكم على صاحبها بأنه بر أو فاجر، تقي أو آثم؟
1
ثم ألا ترى أن من الأعمال الإرادية نفسها طائفة يستوي فعلها وتركها، فتدخل بذلك في نطاق المباحات، بحيث لا يترتب على فعلها مدح ولا ذم، ولا يقال لصاحبها إنه أحسن أو أساء؟ فهي خارجة أيضا عن موضوع البحث. وكذلك الأعمال الإرادية التي يترتب عليها مدح أو ذم، بمعناهما الأدبي أو الفني؛ كإجادة البيان، وإتقان التصوير، أو إساءتهما؛ فهنالك يكون المدح والقدح والإحسان والإساءة أحكاما تشابه في صورتها الأحكام الأخلاقية، ولكنها في المعنى ليست منها بسبيل؛ لأن الذي لا يحسن التعبير أو التصوير لا يقال إنه آثم أو شرير.
هذا، وينبغي ألا يشتبه علينا الفرق بين الخلق والسلوك.
Неизвестная страница