Слова о началах этики
كلمات في مبادئ علم الأخلاق
Жанры
3
ونحن وإن كنا نوافق على أن المعرفة وحدها ليس لها كبير جدوى إن لم يكن لها رفد من قوة الإيمان، نرى مع ذلك أن ضم العنصرين غير كاف في تحقيق الفضيلة العملية، وأن التربية الناجحة لا غنى لها عن توافر عوامل طبيعية وعوامل إرادية، وأنه لا بد لها قبل كل شيء من إزالة الموانع والعقبات من طريقها. ومن أخطر هذه الموانع البيئة السيئة والقدوة الضارة، التي لا ينكر أثرها في سلوك الناشئين؛ كما أن منها الميول المعارضة والعوائد المخالفة في سيرة الناشئ نفسه، ثم يجيء بعد ذلك عوامل إيجابية نبه عليها خاتمة المحققين من فلاسفة اليونان، ونعني به المعلم الأول «أرسطو»، حين قرر أن الإنسان ليس عقلا فحسب، كما زعم «سقراط»، وليس عقلا وعاطفة وكفى، كما ظن «أفلاطون»؛ بل هو إلى ذلك إرادة فعالة، وعزيمة نافذة، وإذن فليست الفضيلة علما وإيمانا ينزعان بصاحبهما إلى العمل مع قصور الهمة عن تحقيق هذه النزعة، بل هي عمل يبرز إلى الوجود، ويرى ضوء الحياة.
فهذه واحدة.
والثانية أن هذا العمل حين يبرز إلى الوجود لا يكفي أن يقع مرة أو مرتين، بل يجب أن يتكرر ويستمر حتى يصبح عادة ثابتة، وخلقا راسخا، كأنه طبيعة ثانية، فلا بد إذن من رياضة وتدريب على العمل بما نعلم وتلك هي حقيقة التربية العملية.
وأخيرا فليست الفضيلة عملا آليا تسخيريا تمجه نفس فاعله، ويأباه طبعه؛ بل هي عمل انبعاثي محبب إلى القلب، حتى إن الذي يفعل الخير عادة، ولكنه لا يجد في نفسه أريحية له، ليس خليقا أن يسمى خيرا.
وإننا لنجد مصداق هذه النظرات الدقيقة السديدة في القرآن المجيد:
أفرأيت الذي تولى * وأعطى قليلا وأكدى ،
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ،
ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ،
ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون * فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم .
Неизвестная страница