Слова о началах этики
كلمات في مبادئ علم الأخلاق
Жанры
مهما تتنوع المذاهب الفلسفية في مصدر الإلزام الأدنى: أهو العقل، أم الوجدان الخلقي، أم ضرورة الحياة في المجتمع، أم غير ذلك، فإنها كلها تلتقي عند كلمة واحدة، وهي أنه مصدر إنساني، وأن مستنده في التشريع اعتبارات إنسانية تبرر حكمه لدى العقل أو العاطفة. أما الإلزام في الدين فيقولون إن مصدره إلهي صرف، وإن مستنده هو محض تلك الإرادة العليا وقضاؤها المبرم، الذي لا يعنيه رضيت النفس أم كرهت، اقتنع العقل أم أبى. (3)
من حيث بواعث العمل وأهدافه وأجزيته:
قالوا: وتنفصل النظرة الدينية عن النظرة الفلسفية من هذه النواحي أيضا؛ ذلك أن الشرائع الدينية تضع لمن يمتثل أمرها أو يعصيه جزاء أخرويا: مثوبة أو عقوبة، وتتخذ للترغيب في الفضيلة وللتحذير من الرذيلة وسائل، تستمدها من معدن تلك الأجزية، جاعلة الهدف الوحيد للعامل هو نيل الثواب والنجاة من العقاب، وباعثه الوحيد على العمل هو الخوف أو الرجاء. وهكذا تصبح الاستقامة الخلقية عملا حسابيا لموازنة الربح والخسارة، وليست عملا بريئا من الأغراض، مجردا عن الغايات النفعية.
بينما قانون الأخلاق الفلسفية لا يفترض جنة ولا نارا ولا حياة بعد الموت، بل لا يلوح بجزاء للفضيلة سوى نتيجتها الطبيعية، من رضى العامل وطمأنينته، وشعوره باستكمال إنسانيته، وارتياح ضميره بأداء الواجب. وإن لوح بشيء وراء ذلك: من تحقيق المصالح الإنسانية التي يثمرها العمل، أو الفوائد الاجتماعية التي تعود على العامل، كحسن السمعة وطيب الذكر؛ فإنما هي أجزية أدبية عاجلة في هذه الحياة.
فلننظر في قيمة هذه الفوارق، ومدى انطباقها على وجهة النظر الإسلامية في الأخلاق: (1)
أما أن موضوع الأخلاق في الديانات ينحصر في مادة العبادة والشئون الإلهية، فهذه الخاصة إن صحت في دين ما فما أبعدها عن أن تكون طابعا لقانون الأخلاق في الإسلام. لا نكتفي بأن نقول إن هذا القانون لم يدع للنشاط الإنساني، في ناحيتيه الفردية والاجتماعية، مجالا حيويا أو فكريا أو أدبيا أو روحيا، إلا رسم له منهجا للسلوك وفق قاعدة معينة، بل نقول إنه تخطى علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقته ببني جنسه، فشمل علاقته بالكون في جملته وتفصيله، ووضع لذلك كله ما شاء الله من الآداب المرضية والتعاليم السامية. وهكذا جمع ما فرقه الناس باسم الدين وباسم الفلسفة، ثم كان له عليهما المزيد ... (2)
وكذلك يرى الناظر في أسلوب الدعوة الأخلاقية في الإسلام، أنها منزهة عن ذلك الطابع التعبدي التحكمي الذي زعموه في الأخلاق الدينية، وأنها على العكس من ذلك تعتمد دائما على الحكم المعقولة المقبولة، مخاطبة الإدراك السليم، والوجدان النبيل، بالأسباب المقنعة التي تبرر أمرها بما تأمر به، ونهيها عما تنهي عنه، تفصيلا في ذلك تارة، وإجمالا فيه تارة أخرى. اقرأ إن شئت في الأسلوب التفصيلي أمثال الآيات الكريمة:
ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ،
وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ،
ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ،
Неизвестная страница