(١) قد يخطر في فكر بعض المسلمين شبهة أن السبب الأساس لعجز الأمة هو تأخرها التقني والعسكري وتفرقها، والحقيقة أنه سبب هام بلا شك ولكنه ليس السبب الرئيس، لأن سنة الله اقتضت أن النصر الحقيقي التام لا يتحقق لأمتنا بدون عودة صادقة إليه واستقامة على أوامره حتى لو تقدمت ماديا وعسكريًّا واتحدت. ومن المعروف على مدى العصور أن أمتنا كانت ذات شأن في القوة بل وفي التقدم المادي عندما كانت مطبقة لدينها، وأن بداية تأخرها وضعفها وذهاب عزها تحصل عندما تنحرف عن دينها وشريعة ربها، لذا فالتخلف التقني والعسكري والتفرق في الأمة الإسلامية لاشك أنه من أسباب ضعفها (ويجب على الأمة أن تجتهد في تقويته) ولكنه متعلق وناتج بالدرجة الأولى من بُعدها عن الله وحقيقة منهج الإسلام. وهو بالدرجة الأولى عرضٌ للمرض الأساس للأمة وليس هو المرض نفسه،..... ثم إن الأمة الإسلامية إذا صدقت في العودة إلى الله والاستقامة على شرعه ثم جاهدت أعداءها- في الوقت والظرف المناسبين- فهي منصورة بإذن الله ولو لم تصل في العدة والعتاد والاستعداد إلى مثل مستوى أعدائها، فقط هي مطالبة بأن تعد ما تستطيعه من القوة وقتئذٍ. وتاريخنا الإسلامي شاهد على انتصارات المسلمين الكثيرة على أعداء لهم فاقوهم كثيرا في استعداداتهم المادية. وحبذا الرجوع إلى رسالة قيمة (من نشر دار ابن المبارك) تتحدث عن هذا الموضوع عنوانها (ما هو سبب تخلف المسلمين) . ولنتذكر أيضًا أن تقصير أمتنا في الأخذ بأسباب القوة المادية اللازمة هو أحد ذنوبها.
1 / 3