مدونة أحكام الوقف الفقهية
مدونة أحكام الوقف الفقهية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
Жанры
وتذكر المصادر أيضًا أن السلطان "الملك الصالح" ابن السلطان الملك الناصر قلاوون اشترى قريتين، وقفهما على عمل كسوة الكعبة الشريفة والحجرة النبوية، ولما ضعفت غلة هاتين القريتين قام السلطان العثماني "سليمان القانوني" في عام ٩٤٧/ ١٥٤٠ م بوقف قرى أخرى؛ ليصبح عددها عشر قرى موقوفة بالكامل على كسوة الكعبة والحجرة النبوية والمنبر النبوي، ولم تزل موقوفة على ذلك حتى حلَّ وقفها محمد علي باشا في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (^١).
وهكذا استمر الاهتمام بالأوقاف وتنظيمها في العصر المملوكي، وبالذات في عهود كل من: الظاهر بيبرس، والسلطان حسام الدين لاجين، والسلطان الناصر بن محمد قلاوون، وابنه الناصر حسن، وكان لهذه السياسة أثر إيجابي في تنظيم الوقف وازدياد متحصلاته وشمول نفقه لشريحة كبيرة من طبقات المجتمع، كما يلاحظ أن الأوقاف في العصر المملوكي كانت تميل إلى العمل المؤسسي المتكامل، فكانت الأوقاف في هذا العصر تشتمل على عدة مرافق تهتم بالروح والجسد والعقل، كما يلاحظ ظهور حقول جديدة من الوقف لم تكن موجودة في العصور السابقة، ولكن على وجه الإجمال فإن الاهتمام بالثقافة، والمساجد والزوايا والربط، والحرمين الشريفين كان يمثل ظاهرة واضحة في هذا العصر، كما كان للمرأة لمساتها المبدعة في هذه الحقبة التاريخية؛ إذ انصب جهدها على تقديم خدمات وقفية مميزة ولخدمة المرأة، كما هو الحال في "رباط البغدادية"، وسيتضاعف هذا الإثمار والجهد وتزداد الأوقاف ازدهارًا في العصر العثماني؛ حيث تظهر إبداعات جديدة في الحقل الوقفي، الذي يمثِّل معلمًا من معالم رقي الحس الإنساني والاجتماعي للأمة الإسلامية.
(^١) انظر: كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ، السيد محمد الدقن، مطبعة الجبلاوي، ١٤٠٦ هـ، ٩٥ - ١٤٩، وتاريخ الكعبة المعظمة - عمارتها وكسوتها وسدنتها، حسين بن عبد الله باسلامة، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، ١٤١٩ هـ.، ٣٢١.
1 / 92