Театральные усилия Каббани в Египте
جهود القباني المسرحية في مصر
Жанры
وعرض القباني لمسرحية «عائدة» ربما يعده البعض خرقا لمفردات رسالته، ومخالفة لفكرة إحياء التراث العربي، بوصفها تتحدث عن تاريخ الفراعنة من جهة، ومن جهة أخرى لا تعتبر من رصيد فرقته الدرامي، بل هي من رصيد فرقة أخرى. وبالنسبة للأمر الأول فتاريخ الفراعنة لا ينفصل عن التراث التاريخي للمصريين، وهذه التفرقة التاريخية الدقيقة لم ينشغل بها الفكر العربي في هذا الوقت، لا سيما أن المسرحية اشتملت على معاني الحب العفيف والتضحية في سبيل الوطن والوفاء بالعهود والبر بالوالدين ... إلخ. وهذه المعاني تتوافق مع رسالة القباني؛ مما يعني أنه كان ملتزما بعرض ما يتوافق مع رسالته من مسرحيات، حتى لو كانت من الرصيد الدرامي للفرق الأخرى، مثلها مثل المسرحيات المؤلفة من قبل آخرين أمثال الشيخ إبراهيم الأحدب.
الاختيار الأخير
انتهت شهور الصيف، وأصبحت الإسكندرية خاوية من زائريها، فذاق القباني طعم الكساد الجماهيري، ولم يجد الجديد في جعبته الفنية؛ كي يضمن استمرار رسالته المسرحية، كما لم يجد ابتكارا في أدوات منهجه يجذب به الجماهير. فعاش القباني أزمة حقيقية لا مجال لاجتيازها سوى اختيار طريق من ثلاثة: إما العودة إلى وطنه سورية، وهو اختيار مجبر على رفضه - كما سنعلم لاحقا - أو تكرار تجربة سليم النقاش عندما ترك المسرح إلى نشاط آخر، وهو اختيار أشد قسوة من الأول؛ لأنه يعني التخلي عن رسالته المسرحية. إذن لم يبق أمامه سوى الاختيار الأخير، وهو الانتقال برسالته من الإسكندرية إلى القاهرة.
عروض العاصمة
جاء القباني بفرقته إلى القاهرة في منتصف أكتوبر 1884م، واستأجر مسرح البوليتياما، وبدأت عروضه المسرحية تتوالى مع إقبال جماهيري لا بأس به، استطاعت جريدة الأهرام نقل مظاهر إعجابه، كما نقلت خبر تشجيع فارس نمر عندما ألقى خطبة بعد عرض حضره للقباني، أبان فيها فضل فن الروايات على الهيئة الاجتماعية،
118
مما يؤكد نجاح وصول رسالة القباني المسرحية إلى جماهير العاصمة، وتحقيق الهدف منها.
ومما ساعد على نجاح عروض القباني الأولى في القاهرة، أنها كانت العروض العربية الوحيدة المطروح عرضها في تلك الفترة، وبالتالي لم تلق فرقة القباني أية منافسة، ويضاف إلى ذلك قيام القباني بعرض مسرحيتين جديدتين، ضمهما إلى رصيده الدرامي هما: «لباب الغرام» أو «الملك متريدات» و«حمزة المحتال».
119
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام - دليلا على تحقيق هدف الرسالة - أن نجاح عروض القباني في مسرح البوليتياما بالعاصمة وتوافد الجمهور على رؤيتها أثر سلبا على عروض الفرق الأجنبية، التي كانت تعرض على مسرح حديقة الأزبكية، وهذا يعني أن القباني قدم عروضا ذات مضامين ومعان مطلوبة لجماهير تلك الفترة، لم تكن متوفرة في العروض الأجنبية، وبمعنى آخر: أن رسالة القباني الفنية كانت أقوى من رسالة العروض الأجنبية، وأن القباني - وفق مبدأ إحياء التراث - نجح في مواجهة الثقافة الغربية بثقافته العربية المتمثلة في عروضه المسرحية التراثية. والدليل على ذلك أن المسيو «أنريكو سانتيني» - مستأجر مسرح حديقة الأزبكية من الحكومة - قدم طلبا إلى نظارة الأشغال العمومية في سبتمبر 1885م، لإعفائه من دفع أجرة المسرح عن هذا الموسم بسبب عروض الأوبرا والحفلات الموسيقية بكشك حديقة الأزبكية وعروض مسرح البوليتياما.
Неизвестная страница