Surf
من أجل الاتجاه إلى الشاطئ بسرعة، وفي هذا المجال نلاحظ أن القوارب الخفيفة تسير بمجداف واحد يصبح هو محرك السرعة ودفة القارب التي توجهه إلى الاتجاهات المرغوبة. أما القوارب المحفورة فقد تستخدم أكثر من مجداف واحد حسب عدد الركاب والسرعة المرغوبة، وفي أحيان كثيرة - في المناطق الاستوائية والمدارية - تستخدم الحربة العريضة الرأس للتجديف؛ إذ لا توجد مجاديف خاصة.
وعلى وجه العموم - نظرا لخفة وزن القوارب، ولشكلها الانسيابي، ولتكوينها من جذع شجرة أو من مواد خفيفة - فإن هذه القوارب لا تمتلك دفة (سكان) لتوجيه القارب، بل تستخدم المجداف في التوجيه. (2-2) مبدأ الملاحة البحرية المصري
أما القوارب المصرية فكانت مصنوعة على أساس مبدأ مخالف لبناء القارب كما سبق توضيحه ومهيأة لوظيفة النقل الثقيل؛ فالقوارب المصرية عبارة عن عملية «إنشاء» من صنع الإنسان حسب خطة مرسومة يراعى فيها مبدآ السعة والطفو؛ فهي تجميع لقطع خشبية تثبت إلى بعضها في صورة معينة متفقة مع المبادئ السابق ذكرها. وفي البداية كان المجداف هو القوة المحركة والموجهة، لكن سرعان ما أضيف الشراع من أجل طاقة دفع أقوى عشرات المرات من دفع المجداف، كما أضيفت الدفة كجهاز منفصل عن قوة التحريك من أجل التوجيه مع قوة الشراع، وبذلك نستطيع أن نقول: إنه منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، اخترع المصريون الشراع والدفة معا، وهما - كما نعرف - الأساس الذي قامت عليه الملاحة البحرية إلى وقت قريب.
ولعل الدافع إلى اختراع الشراع هو الرياح الشمالية المعتدلة القوة التي تسيطر على مصر معظم أشهر السنة، وبذلك تصبح هذه الرياح أكبر عامل مساعد على صعود النيل من الشمال إلى الجنوب، في حين تستخدم القوارب قوة تدافع المياه في اتجاهها من الجنوب إلى الشمال. وبعبارة أخرى استخدم المصريون قوة دفع غير بيولوجية؛ الرياح ودفع الماء، في رحلاتهم النيلية صعودا وهبوطا.
وقد أدت فكرة الشراع إلى جرأة المصريين القدماء في المخاطرة داخل البحار المحيطة، ولعل ذلك كان مرتبطا باحتياجات الدولة الفرعونية إلى أنواع من التبادل التجاري بأشكاله المختلفة. وكان من بين سلع التجارة الرئيسية في الدولة المصرية استيراد أخشاب شرق وشمال شرق البحر المتوسط ؛ مما أدى إلى علاقات مستمرة وملاحة منتظمة إلى ساحل الليفانت وقبرص وكريت. وكذلك أدى احتياجهم إلى منتجات العالم المداري نتيجة للترف الفرعوني واحتياجات المعابد المصرية، إلى الملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي إلى بلاد بنت (غير معروفة على وجه التأكيد، وقد تكون منطقة ما من سواحل المحيط الهندي في أفريقيا أو آسيا). (2-3) الملاحة البحرية في العالم القديم
وتلا ذلك نهضة ملاحية كبيرة في البحر المتوسط من قبل الفينيقيين والإغريق والرومان والعرب على التوالي. ولقد قام الفينيقيون برحلات بحرية واسعة في البحر المتوسط الغربي على وجه الخصوص ابتداء من الألف الثانية قبل الميلاد. ولا شك أنهم وصلوا إلى مضيق جبل طارق الذي كان يعرفه الملاحون الإغريق باسم أعمدة هرقل، ويقال: إن الفينيقيين قد جابوا البحار الساحلية لأوروبا الغربية في بريتاني الفرنسية وجنوب وغرب الجزر البريطانية.
أما الإغريق فقد انتشرت سفنهم في طول وعرض البحر المتوسط، كما كان البحر الأسود ومضيق الدردنيل والبوسفور مركزا هاما للملاحة الإغريقية إلى حوض البحر الأسود، وعند الدردنيل قامت واحدة من أهم المدن الإغريقية: طروادة التي كانت تحتكر تجارة البحر الأسود وتتحكم في العبور من آسيا إلى أوروبا منذ وقت مبكر إلى أن هزمها ائتلاف المدن الإغريقية في حرب طروادة المشهورة حوالي 1200ق.م. وعلى هذا النحو فإننا نجد البحر المتوسط منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد يغص بالملاحة والسفن البحرية المصرية والفينيقية والإغريقية، بينما يحتكر المصريون الملاحة (شبه منتظمة) في البحر الأحمر، والإغريق ملاحة البحر الأسود، والفينيقيون ملاحة الحوض الغربي للبحر المتوسط (خاصة بعد إنشاء قرطاجة حوالي 900ق.م، التي سقطت على أيدي الرومان بعد ذلك بحوالي 800 سنة). أما الرومان فقد أسسوا سلطانهم البحري متأخرا - ربما في القرن الثالث قبل الميلاد - والمرجح أنهم اعتمدوا كثيرا على الأسطول الإغريقي في البداية.
ويأتي دور العرب مبكرا في الملاحة البحرية في الخليج العربي وبحر العرب. والمرجح أيضا أنه في الألف الأولى قبل الميلاد، كانت السفن العربية المختلفة والسفن الصينية المختلفة تتبادل التجارة في عالم المحيط الهندي بأكمله، وبالرغم من السيادة البحرية العربية في البحر المتوسط ابتداء من القرن الثامن أو التاسع الميلادي، إلا أن السيادة العربية في المحيط الهندي كانت أكثر بروزا، لما في هذا العالم الجنوبي من ثروات طائلة تنقل إلى عالم البحر المتوسط العربي والأوروبي. ومن الشائع أن العرب قد اخترعوا جهاز البوصلة لتسهيل الملاحة البحرية، وإن كان هناك من يرد أصل البوصلة إلى الصين. وعلى أية حال فإن الأوروبيين قد نقلوا هذا الجهاز عن العرب متأخرا؛ وبذلك فإن البوصلة قد ساعدت الملاحيين على ارتياد البحار الواسعة دون خوف من فقدان اتجاههم الصحيح؛ ومن ثم أحدثت ثورة هائلة في عالم النقل البحري.
ومع نمو التجارة في البحر المتوسط في العهد المملوكي في مصر، ونمو أساطيل البندقية (فنتسيا) وجنوا التجارية، ونمو أساطيل البرتغال وإسبانيا، وأساطيل مناطق الشمال الأوروبي (اتحاد الهانزا التجاري مؤسسا على نشاط النورسمن البحري السابق) قد أدى إلى دفعة هائلة في بناء السفن وحجمها ومتانتها وعدد أشرعتها.
Неизвестная страница