География транспорта

Мухаммед Рияд d. 1450 AH
150

География транспорта

جغرافية النقل

Жанры

وفي مقابل هذا الركود البريطاني نجد نمو صناعة السفن في الدول الأوروبية يستمر بخطى ثابتة؛ ففي السويد على سبيل المثال كانت الحمولة المنتجة عند بداية القرن الحالي أقل من عشرة آلاف طن، ارتفعت إلى 857 ألف طن عام 1959، ومعظم هذا التقدم قد حدث بعد عام 1945، فمنحنى صناعة السفن السويدية، كان يسير دون ارتفاع منذ عام 1910، مع انخفاض شديد خلال أزمتي 1913، 1929، وتوقف خلال فترة الحرب (1939-1944)، وقد تخصصت الترسانات السويدية في بناء ناقلات البترول وحاملات الأحجام الكبيرة (كالحديد الخام). وكان الأسطول النرويجي الكبير هو العميل الأول لصناعة السفن السويدية.

وكذلك نمت صناعة بناء السفن الدانمركية نموا متوازنا ابتداء من عام 1950، وأصبحت تنتج قرابة الحمولة التي كانت تنتجها السويد فيما بين الحربين، بينما نمت صناعة السفن النرويجية بسرعة وسبقت الدانمرك، ولكل من صناعتي السفن النرويجية والدانمركية ميزة وجود أسطول تجاري كبير لكل منهما، ويعني ذلك وجود عميل دائم داخل الدولة، ولكنهما أقل من الترسانات السويدية حظا؛ حيث إن في السويد عددا كبيرا من الصناعات المختلفة المرتبطة ببناء السفن.

وتتنافس ألمانيا مع بريطانيا والسويد في الحصول على المركز الثاني في صناعة السفن بعد اليابان؛ فلقد بدأ النمو الألماني في هذه الصناعة بسرعة بعد 1949 ووصل في 1958 إلى قمة إنتاجية قدرها 1,4 مليون طن، وذلك بالقياس إلى قمة إنتاجية وصلتها الترسانة الألمانية في الفترة بين الحربين العالميتين، وقدرها نصف مليون طن، ومع ذلك فإن التوسع الألماني في صناعة السفن أقل من مثيله في السويد، وأقل بكثير من مثله في اليابان، في عام 1964 هبط الإنتاج الألماني إلى 890 ألف طن. وكذلك تميزت بعض الدول بنمو سريع في صناعة السفن منذ نهاية الخمسينيات مثل هولندا وفرنسا وإيطاليا ويوجسلافيا. وقد عانت هذه الدول - وخاصة هولندا - كثيرا من التوقف في هذه الصناعة خلال فترة الستينيات.

ولا شك أن نمو صناعة السفن في أوروبا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين قد جاء في أساسه نتيجة تخلف صناعة السفن البريطانية عن استخدام التكنولوجيات الحديثة في صناعة الصلب وصناعة السفن من الصلب، ووراء هذا عدد من العوامل بينها الروح المحافظة البريطانية التي منعت الترسانات الإنجليزية من تقبل الاستحداثات الجديدة في التكنولوجيا. وقد أدت هذه الاستحداثات إلى نفقات بناء أقل في الصناعة الأوروبية عنها في الإنجليزية، فمثلا أخذت السويد تكنيكا جديدا استخدمه الأمريكيون خلال فترة الحرب، وهو عبارة عن تقسيم عملية التجميع إلى عدة عمليات تجميع صغيرة، واستخدام «اللحام» بدل «البرشمة» في صنع هيكل السفينة. وقد أدت هذه وغيرها من الوسائل الجديدة إلى تقليل الوقت كثيرا في بناء السفينة.

كذلك بدأت السويد وبعض الدول الأوروبية في تقديم سفن موحدة المواصفات تبنى في صورة سلسلة متكاملة (كمبدأ الإنتاج الكمي). وقد أدى ذلك إلى تخفيض التكلفة كثيرا. وكذلك فإن تنظيم نقابات العمال البريطانية على أساس المهنة - عامل لحام أو عامل بناء مثلا - على عكس نقابات العمل السويدية القائمة على أساس نوع الصناعة - عمال الترسانة ككل مثلا - قد ساعد على تجنب الكثير من المطالبات التي يقدمها عمال مهنة معينة، أو غير ذلك كالإضرابات، كذلك فإن صناعة السفن الإنجليزية مقسمة على عدد كبير من الترسانات المتوسطة المساحة، ونمط صناعة ونقل ألواح الصلب قد تغير من الاعتماد على الفحم (إنجلترا) في مناطق داخلية، إلى نمط ساحلي (استيراد الفحم أو الوقود)، وقد ترتب على ذلك أن كثيرا من الدول الأوروبية تبني معامل الصلب في المنطقة الساحلية عند الترسانة، بل في بعض الأحيان ساعد انخفاض أجور نقل الصلب بالسفن على استيراد ألواح الصلب من الولايات المتحدة أو اليابان مباشرة إلى الترسانات الأوروبية.

أما في اليابان فإن الملاحة البحرية كانت شائعة منذ فترة طويلة بحكم تكوين اليابان من عدد كبير في الجزر تحتاج إلى التنقل المستمر، لكن التقليد الحضاري الياباني الإقطاعي كان يمنع السفر خارج المياه اليابانية، حتى لا تفسد عزلة الشعب؛ ومن ثم لم تكن هناك سفن عابرة للبحار، وفي عهد الإصلاح بعد عام 1868 أمكن إنشاء عدد من السفن الكبيرة بواسطة شركات خاصة. وفي عام 1890 بنيت في اليابان أول سفينة من الصلب، وفي 1896 قدمت الحكومة منحا وإعانات للشركات التي تبني سفنا حمولتها أكثر من 700 طن، ومع ذلك فإن نمو صناعة السفن اليابانية ظل يسير ببطء شديد، وفي 1901 أنشئ أول مصنع للصلب في اليابان.

وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى كانت السفن اليابانية قد بلغت أحجاما كبيرة؛ فقد كانت حمولة السفن المبنية في 1890 لا تزيد عن عشرة آلاف طن، زادت إلى أكثر من 50 ألف طن في الفترة بين 1901-1913، ثم زادت الحمولة بتأثير الحرب واحتياج الدولة إلى سفن، في سنة 1914 بلغت الحمولة المنزلة إلى البحر 85 ألف طن ارتفعت إلى 650 ألف طن 1919، لكن الكساد حل بهذه الصناعة وغيرها بعد أن أفاقت الدولة الأوروبية من تأثير الحرب ، بالإضافة إلى الأزمات العالمية المتكررة؛ ففي سنة 1929 - وكانت تمثل سنة رواج - أنزلت اليابان إلى البحر 65 ألف طن جديدة فقط، ولم يزد الإنتاج عن 400000 طن إلا خلال الثلاثينيات. وهكذا فإن نمو الصناعة اليابانية في هذا المضمار كان له مقدمات طويلة اكتسب فيها اليابانيون خبرات بناء السفن، ونضيف إلى ذلك أيضا التوسع العسكري الياباني الذي أدى إلى الاهتمام بالبحرية كثيرا.

وفي خلال الخمسينيات (1956) تفوق الإنتاج الياباني على بقية الإنتاج العالمي في بناء السفن، وفي خلال الخمسينيات أيضا نمت التجارة الدولية بصورة واسعة ومذهلة، وخاصة في قطاع نقل البترول؛ مما أدى إلى رفع حمولة أساطيل التجارة ونقل البترول الأمريكية واليونانية كثيرا، وأدى هذا إلى طلبات كثيرة من أصحاب هذه الأساطيل على ترسانات العالم لإنشاء سفن جديدة، وبرغم أن تكلفة الإنتاج الياباني لم تكن تتميز بالانخفاض الشديد بالمقارنة بتكلفة الإنتاج الأوروبي إلا أنه كان بإمكان اليابان تلبية الطلبات وتسليم السفن في وقت أقصر؛ لأن الترسانات الأوروبية كانت محجوزة من قبل في تنفيذ عقود سابقة، كذلك كان بالإمكان التوسع في الترسانات اليابانية بتحويل الترسانات العسكرية إلى مدنية، وكذلك لوجود عدد كبير من مهندسي هذه الصناعة من المدنيين والعسكريين السابقين، ويضاف إلى هذا كله وجود قوة عمل كبيرة في اليابان، ونمو صناعة الصلب اليابانية التي تكون أحد الأسس في صناعة السفن، وفوق هذا فإن هروب رءوس الأموال الأمريكية إلى اليابان والحرب الباردة، قد ساعدا على تنمية هذه الصناعة بصورة مضاعفة.

خريطة 4-2

ويشكل الأسطول الياباني التجاري الكبير عميلا ثابتا عند الترسانة البحرية اليابانية. وقد كانت حمولة الأسطول التجاري الياباني في سنة 1941 6,1 ملايين طن. وكان يحتل المركز الثالث في العالم. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية كان معظم الأسطول التجاري الياباني غارقا في قاع الباسيفيك، ولم يكن المتبقي منه سوى ما حمولته 750 ألف طن. وقد بني الأسطول مرة أخرى وبسرعة كبيرة وأصبح يحتل المرتبة الخامسة عام 1964 بحمولة قدرها 10,8 ملايين طن، وفي عام 1970 أصبح الأسطول التجاري الياباني يحتل المرتبة الثانية من بين الأساطيل العالمية التجارية، بحمولة قدرها 27 مليون طن، كذلك تتزايد الحاجة في اليابان - للصناعة والتجارة ونقل الخامات - إلى مزيد من الحمولة البحرية في أسطولها التجاري؛ فالاحتياج إلى البترول وحده قد تزايد من 25 مليون طن في 1959 إلى 70 مليون طن في 1970، ويتوقع أن يصل إلى 130 مليون طن في 1980، وعلى المنوال نفسه يتوقع ازدياد حجم التجارة اليابانية إلى أرقام مضاعفة، وتبني الترسانة اليابانية الآن ناقلات بترول وزنها 300 ألف طن، ومشروعات لأكثر من ذلك (نصف مليون طن) وناقلات خامات في حدود مائة ألف طن.

Неизвестная страница