Общие основы политической географии и геополитики: прикладное исследование Ближнего Востока
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Жанры
الثاني:
وضع ورسم الإطار المكاني يحتوي على القوى السياسية - الدول - المتفاعلة والمتصارعة.
ومن الصعب - في الوقت الحاضر - أن نحاول القيام بمثل هذا التحليل بالقياس إلى سهولة ذلك في الماضي، وذلك راجع إلى تداخل الأطوار المكانية للقوى والتكتلات الدولية الحالية، وما يتبع ذلك من استمرار لعملية إدخال أو إخراج واحدة من القوى داخل حلف أو آخر، وبذلك لا يمكن وضع حدود مكانية واضحة وفاصلة؛ إذ لا بد أن تعتريها التداخلات الزمانية من آن إلى آخر.
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك أن الحدود المكانية للكتلتين الشرقية والغربية في أوروبا كانت خلال الخمسينيات واضحة كل الوضوح في صورة خط حاد فاصل بين ألمانيا الغربية من جانب وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا من جانب آخر، بينما يتميع الخط الفاصل تميعا يجعل الأمور غير واضحة المعالم في منطقة النمسا بأسرها، ومنطقة يوجسلافيا بأسرها، ويعود الخط إلى الوضوح متمثلا في الحدود المشتركة بين بلغاريا من جانب، واليونان وتركيا من جانب آخر. واليوم - مرورا بالستينيات - نجد بداية تميع واضح في خطوط الفصل المكاني للكتلتين نتيجة التقارب بين دولتي ألمانيا وتوقيع معاهدة بينهما، والتقارب المسبق بين ألمانيا الغربية والاتحاد السوفيتي وبولندا وتوقيع اتفاقيات الاعتراف بحدود بولندا الجديدة على الأودر والنيسه، فتفاعل القوى السياسية يغير الإطارات المكانية بصورة سريعة على مر الزمن يصعب معها تنظير محدد في التحليل الجيوبوليتيكي.
في الماضي كانت المحاولات الجيوبوليتيكية ممكنة، فحتى نهاية القرن التاسع عشر كانت القوى الدولية الرئيسية عبارة عن ارتباطات بالإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، فمركز هذه القوى كان محددا بمنطقة ضيقة في أوروبا ودول البحر المتوسط البحرية، وفي خلال ثلاثة آلاف سنة كانت مراكز القوى العالمية عبارة عن «قلوب» صغيرة تنقلت من مكان إلى آخر في الشرق الأوسط وأوروبا: مصر - العراق - فارس الغربية - الإغريق - قرطاجة - روما - بيزنطة - بغداد (الخلافة العباسية) - القاهرة (الفاطمية والمملوكية) - الأستانة (العثمانية) - إسبانيا والبرتغال - فرنسا - إنجلترا - هولندا - ألمانيا.
هذه المراكز السياسية على مر الزمن تزامنت أو تلاحقت الواحدة تلو الأخرى بعد صراع زمني، وكانت هذه في مجموعها تكون «العالم ذو الأهمية» في رأي جيمس فيرجريف،
3
فهذا العالم - بموقعه وأوضاعه الجغرافية الخاصة - مكن شعوبه وسكانه من أن يطوروا وينموا موارد بلادهم المحلية أولا، ثم التوسع بعد ذلك إلى أقاليم وموارد خارجية في مناطق أقل نموا وتقدما.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر وجد بعض الجيوبوليتيكيين أن «العالم ذو الأهمية» لم يعد قاصرا على أوروبا الغربية والوسطى، بل تمدد ليشمل الكتل الأرضية في نصف الكرة الشمالي بين درجات العرض 30 و60، ووجد آخرون أن هذا النمط السائد لم يعد قاصرا على دول سواحل أوروبا الغربية، بل أخذ ينتقل تدريجيا إلى داخلية القارات في العروض 30-60 شمالا، أو بعبارة أخرى؛ أخذت مراكز القوى تظهر في كل من الولايات المتحدة وروسيا.
ولكن في الوقت الحاضر لا نستطيع أن نتفق مع تحديدات السابقين على أن ما بين درجتي العرض 30-60 هي مراكز القوى العالمية، فالأساس الحالي المرتبط بالتكتل السكاني عدديا والموارد الاقتصادية ورغبات الشعوب والأيديولوجيات القومية وغيرها تجعل من المستحيل على الباحث أن يقول إن النطاق الشمالي سيظل محتكرا لمراكز القوى العالمية، وعلى هذا فإننا نجد بوادر ظهور مراكز قوى عالمية تمثلها الهند والصين والبرازيل، وفوق هذا يمكننا أن نطرح سؤالا للمستقبل عن مراكز قوى أخرى في العالم العربي ككل أو في جزء منه.
Неизвестная страница