Общие основы политической географии и геополитики: прикладное исследование Ближнего Востока
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Жанры
أما في الشرق الأوسط فقد كان هناك عدد محدود من الوحدات السياسية خلال التاريخ الحديث: الدولة العثمانية وفارس، مع نوبات حكم ذاتي قوي في أقاليم فرعية: مصر وأفغانستان، وبتأثير التحلل في الدولة العثمانية وفارس كان يمكن أن تقوم قوى جديدة نشطة - مثل الصحوة العربية وتركيا الفتاة - تدفع الحياة من جديد في هذه المساحات السياسية الكبيرة، ولكن تحلل الدولتين الكبيرتين صادف نمو المصالح الإمبراطورية الفرنسية والإنجليزية والروسية في المنطقة مما أدى إلى تفتيت الدولتين إلى وحدات كثيرة ضعيفة، وقد كانت الحركات المختلفة التي سيطرت على أحداث الشرق الأوسط العربي في ربع القرن الأخير، مجرد إرهاصات سعي لنوع من التآلف العربي، ويجب أن تترك فسحة من الوقت لنمو شكل من هذا التآلف يغطي الضعف الناجم عن تعدد الدول العربية، ويعطي العرب مكانة لائقة في ميزان القوى العالمية، وهذا هو الاتجاه العام في أقاليم العالم: أشكال مختلفة من الاتحاد أو التآلف أو التحالف الاقتصادي أو السياسي، وقد كان لدمشق وبغداد والقاهرة - حسب الترتيب التاريخي - دور مركزي في الشرق الأوسط. ومشكلة إيجاد قلب للعالم العربي تماثل في الشكل، وليس المحتوى، مشكلة إيجاد قلب لأوروبا الغربية، ولعل مصر بمركزيتها المكانية وكتلتها السكانية كما وكيفا - في المجالات الاقتصادية والتكنيكية - مؤهلة لأن تكون قلبا عربيا ذا ثقل، جنبا إلى جنب مع قلوب أخرى مرتبطة بأقاليم طبيعية اقتصادية ناجمة عن الاتساع المكاني الشاسع للعالم العربي (أبعاد العالم العربي ، أرقام تقريبية في خطوط مستقيمة: نواكشوط (موريتانيا) - مسقط (عمان) = 8000 كيلومتر، طنجة (المغرب) - مقديشو (الصومال) = 6500 كيلومتر، حلب (سوريا) - جوبا (السودان) = 3600 كيلومتر). (2) مقومات طبيعية في جيوبوليتيكية الشرق الأوسط (2-1) مقومات رئيسية متفاعلة
من بين المقومات التي تسيطر على الشرق الأوسط مجموعة من العناصر الطبيعية التي أعطت الإقليم صفاته الرئيسية، وعلى رأس هذه العناصر التركيب الجيولوجي وبنيته، وأشكال المناخ، وتكوين التربة الصالحة للزراعة، هذه العناصر غير منفصلة، بل متفاعلة تفاعلا ديناميا استمر عشرات الملايين من السنين، ويقطف الإنسان ثمار هذا التفاعل بطرق مختلفة حسب خلفيته التكنولوجية في العصور المختلفة، كما أنه يكون أساس توزيع الناس بأعدادهم ونظمهم الاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط، مثله في ذلك مثل بقية أجزاء العالم الأخرى.
ولكن الدراسة التفصيلية لكل من هذه العناصر الطبيعية على حدة، ضرورة لا بد منها قبل حصولنا على النظرة التجميعية لمشتمل ومضمون القوى الطبيعية في تكوين الوحدات السياسية في الشرق الأوسط، وذلك بوصف أن التركيبات الجيولوجية وبنيتها مسئولة بصورة قاطعة ومحددة عن وجود أو نقص موارد الثروة التعدينية - معادن وطاقة - وموارد المياه اللازمة لكل شيء حي من ينابيع أو مسيلات جارية دائمة أو عرضية، ومياه جوفية يمكن أو لا يمكن سحبها إلى أعلى، وكل ذلك مرتبط بالتشكيل العام لمظاهر السطح في صورة أحواض ومنخفضات وتراكيب صخرية مسامية وقليلة المسامية، وكذلك بوصف أن التربة الصالحة للزراعة هي تركيب ساهم في وجوده عوامل التركيب الصخري والتحلل والتفتت الكيميائي والميكانيكي بفعل عناصر المناخ، ونقل التربات بواسطة عوامل التعرية المختلفة، وعلى رأسها الإرسابات الفيضية النهرية والإرسابات الهوائية، وإن وصول التربة إلى درجة كافية من النضج عملية مرتبطة بالظروف المناخية السائدة وأشكال الحياة البيولوجية (نبات وحيوان وإنسان).
وفيما يلي سوف نتناول هذه العناصر الطبيعية، ليس من زاوية دراستها الطبيعية، ولكن باعتبار ما وصل إليه علم المتخصصين من نتائج على أنها حقائق ثابتة، ومن ثم فإننا سنعالج هذه الحقائق من زاوية تأثيرها على أقدار منطقة الشرق الأوسط كعوامل قوة أو ضعف في البناء العمراني والاقتصادي والسياسي داخل الوحدات السياسية التي ينقسم إليها الشرق الأوسط في الوقت الحاضر. (3) ميزان المياه في جيوبوليتيكية الشرق الأوسط (3-1) المطر والجفاف في الشرق الأوسط
الصفة المميزة للشرق الأوسط هي أنه يحتل جزءا كبيرا من النطاق العالمي الجاف، ولهذا فضلنا أن نبدأ بدراسة المناخ عامة، والمياه على وجه خاص؛ لأنها تكون العامل الرئيسي المحدد للعمران والسكن، والمميز لكثير من التفاعلات التي تنبني عليها السياسات الأرضية في دول الشرق الأوسط.
تسيطر على الإقليم أشكال مختلفة من المناخ الجاف الحار، لكن امتداد الشرق الأوسط في درجات عرض كثيرة (من درجة العرض 42 شمالا في تركيا إلى درجات العرض الاستوائية في الصومال)، فإن هناك تغايرات ملحوظة في متوسطات الحرارة، ويزيد على ذلك انخفاض واضح في درجات حرارة الشتاء في المناطق الجبلية، تصل إلى حد تكوين غطاءات ثلجية شتوية (جبال هندكوش والبرز وبنطس وطورس وأجزاء من جبال لبنان وزاجروس)، ويؤدي ذلك إلى تقسيم الشرق الأوسط حراريا إلى إقليمين: (1) إقليم الجبال والهضاب الشمالية والشرقية (اليونان، تركيا، إيران، أفغانستان)، ويتميز بشتاء بارد وعواصف ثلجية وصيف حار. (2) إقليم الهضاب المنخفضة والسهول الذي يحتل غالبية المنطقة العربية، ويتميز بصيف حار وشتاء معتدل الحرارة، وترتفع درجة الحرارة كلما اتجهنا جنوبا صوب جنوب الجزيرة العربية والصومال والسودان وإثيوبيا.
وفي مقابل هذا التشابه الحراري العام خلال الصيف الطويل، فإن العامل المناخي ذا التأثير الواضح هو كمية الأمطار الساقطة، ويحدد هذه الكمية الشروط التالية: (1) علاقة المكان بالنسبة لمسار أعاصير العروض الوسطى الشتوية التي تسير بانتظام كبير عبر البحر المتوسط من الغرب إلى الشرق، وفوق لبنان وسوريا والعراق وإيران في اتجاه السند. (2) علاقة هذه الأعاصير بألسنة الضغط الجوي المرتفع خلال الشتاء، وهي الألسنة التي تمتد من فوق الاتحاد السوفيتي وتتسع لتشمل الأناضول والبلقان. ومحصلة علاقة هذين العنصرين تؤدي إلى اتساع نطاق المطر وكميته فوق الأناضول والليفانت والعراق وإيران في حالة انكماش مناطق الضغط المرتفع، بينما تتزحزح مسارات بعض هذه الأعاصير جنوبا إلى شمال مصر والخليج في حالة امتداد ألسنة الضغط المرتفع إلى القوقاز والأناضول.
وبغض النظر عن التغيرات السنوية في كمية المطر الساقط ومدى انكماشه أو شموله، فإن نظام المطر هذا - من ناحيته النوعية - أدى إلى تقسيم الشرق الأوسط إلى نطاقين مختلفين: النطاق المطير والنطاق الجاف، ويحتل نطاق المطر إقليمين أحدهما في شمال الشرق الأوسط (مطر شتوي) والثاني في جنوبه (مطر صيفي في السودان وإثيوبيا واليمن)، أما النطاق الجاف فيحتل القسم الأوسط من الشرق الأوسط من ليبيا إلى جنوب ووسط إيران وجنوب باكستان، وبالرغم من أن النطاق الجاف محروم من الأمطار المنتظمة، إلا أنه يتعرض للسيول المفاجئة الناجمة عن أعاصير أو فلول أعاصير ضالة، وتؤدي التضاريس العالية إلى أمطار متوسطة إلى قليلة في داخل النطاق الجاف، مثل جبال اليمن والجبل الأخضر في ليبيا وفي عمان وجبال زاجروس الجنوبية (انظر خريطة 31). (3-2) صفات الإقليم الانتقالي
ومن الصعب تحديد خط مطر يفصل بين النطاقين المطيرين والنطاق الجاف، ويعمد بعض الكتاب إلى اتخاذ خط المطر المتساوي 500 مليمتر على أنه حد فاصل حرج بين الزراعة القائمة على المطر، وتلك التي تقوم على أشكال مختلفة من الري، باستخدام مصادر المياه الدائمة أو الفصلية (أنهار وعيون وآبار)، لكن ذبذبة الأمطار الساقطة في الشرق الأوسط، كما ومكانا، ومدى فعالية الكمية الساقطة بالنسبة للنمو النباتي في منطقة المطر الشتوي (موسم الحرارة الدنيا وقلة التبخر) وتلك التي تسقط في الصيف (موسم الحرارة العليا وكثرة التبخر)، كلها أسباب تجعلنا نميل إلى اتخاذ نطاق لتحديد الإقليم الذي يتمتع بفعالية وفوائد المطر الساقط، بدلا من اتخاذ خط محدد، ويمكننا أن نحدد هذا النطاق الانتقالي بالأراضي التي تتلقى كمية من الأمطار حدها الأدنى مائة مليمتر وحدها الأعلى 500 مليمتر .
وهذا الإقليم الانتقالي الواسع ينقسم في الحقيقة إلى نطاقين: الأول إقليم الزراعة الانتقالي بين خطي مطر 250 و500 مليمتر، والثاني إقليم الرعي التقليدي بين خطي مطر 100 و250 مليمتر (راجع الخريطة 31)، والإقليم الأول هو في أساسه إقليم انتقالي من زراعة المطر إلى الزراعة البعلية والزراعة القائمة على الري، وفي داخل هذه المنطقة تغيرات كبيرة في كمية المطر الساقط، راجعة إلى علاقات الموقع واتجاه الأعاصير الممطرة ومواجهة المسطحات البحرية والعوائق الجبلية، وأيا كانت الظروف وكمية الأمطار فإن نجاح الزراعة في هذا الإقليم عامة يعتمد على تدابير الري المختلفة، سواء كانت على مستوى تقليدي أو علمي، وسواء كانت على مستوى فردي أو محلي أو على مستوى الدولة.
Неизвестная страница