Философские корни конструктивизма
الجذور الفلسفية للبنائية
Жанры
التي يهدم بها العقل الجدلي معتقدات كثيرة زائفة تعترض طريق العلم، أو ينتزع مبدأ علميا، يعتقد الناس بصحته المطلقة، من مكانته الرفيعة، ويضع محله مبدأ آخر أكثر منه مرونة، وأقدر منه على تكوين مركب يوسع نطاق العلم. وهذا ما حدث حين أنكرت الهندسة اللاإقليدية مصادرة التوازي، مما أدى إلى قيام هندسات أشمل من هندسة إقليدس. أو حين أنكر المناطقة المعاصرون مبدأ الثالث المرفوع، فترتب على ذلك ظهور المنطق متعدد القيم.
2
وهكذا فإن بياجيه، مع اعترافه بوحدة العقل البشري، وبالدور الرئيسي للعقل التحليلي في العلم، يؤكد إمكان التوفيق بين هذا الرأي وبين أنصار العقل الجدلي، إذا اعترفنا بأن هذا الأخير يمثل طريقة مثمرة في استخدام العقل العلمي، وأنه هو الذي يتيح للعلم فرصة التحرك نحو أنساق أو بناءات أوسع وأشمل.
أما الاتهام القائل بتجاهل البنائية للإنسان، أو للنزعة الإنسانية بوجه عام، فإن بياجيه يرد عليه بقوله: إن هذا اتهام مبني على سوء فهم لمعنى النزعة الإنسانية؛ ذلك لأن موجهي هذه التهمة يعرفون الذات الإنسانية على طريقتهم الخاصة، ثم ينعون على البنائية أنها تهدم هذا الذي يرون أنه هو تلك الذات. وحقيقة الأمر، في رأي بياجيه، هي أن البنائية تفرق بين «الذات الفردية»، التي لا تتخذها البنائية موضوعا للبحث على الإطلاق، وبين «الذات المعرفية»
epistémique ، أي تلك النواة المعرفية التي تشترك فيها الذوات الفردية كلها على مستوى واحد. كذلك تفرق البنائية بين ما تحققه الذات بالفعل، وبين ما يصل إليه وعيها، وهو محدود بطبيعته. وما تركز عليه البنائية اهتمامها هو تلك العمليات التي تقوم بها الذات، وتستخلصها بالتجريد من أفعالها الذهنية العامة. ومن هذه العمليات تؤلف البناءات التي تستخدمها الذات في نشاطها العقلي الذي لا ينقطع. ومن هنا لم تكن عملية تكوين البناءات واعية. ويرى بياجيه أن هناك سوء فهم يكمن وراء الاعتقاد بأن التركيز على هذه العمليات اللاشخصية العامة، التي تتكون منها البناءات، معناه اختفاء «الذات » الإنسانية؛ إذ إننا لسنا ها هنا في مجال العلاقات الشخصية، وإنما نحن في مجال «المعرفة»، وهذا فارق عظيم الأهمية. ففي مجال المعرفة نتخلى عن اتجاهنا التلقائي إلى التمركز حول أنفسنا، ونتحرر من ذاتية العلاقات الشخصية، ولا يكون للذات وجود، بوصفها ذاتا عارفة، إلا بقدر ما تعمل على إيجاد مركبات بين عناصر معرفتها، وبقدر ما تكشف عن ترابطاتها المتداخلة، التي تتولد منها البناءات.
3
وبالاختصار، فإن تلك الذات التي تصور سارتر في نقده أن البنائية تنكرها، هي الذات الشخصية التي تركزت عليها فلسفته، ولكنها ليست الذات التي تشيد بناء العلم، والتي يتحتم عليها - بحكم طبيعة عملها - أن تلجأ إلى تجريدات لا شخصية، والتي لا نستدل على وجودها إلا من هذه التجريدات.
وعلى أية حال، ففي استطاعة المرء أن يدرك بسهولة أن هذا الاهتمام بالبناءات التجريدية قد انبثق، في حالة البنائية، من دراسة متعمقة لعدد كبير من الظواهر الإنسانية الأصلية، كالأساطير والأحلام والطقوس البدائية. ولو قارنا بين موقف البنائية وموقف الوضعية المنطقية في هذا الصدد لاتضح لنا أن هذه الأخيرة هي الأحق - بغير جدال - بأن توصف بتجاهلها للإنسان. فقد استبعدت الوضعية المنطقية، باسم العلم أو النظرة العلمية، كل هذه الظواهر من مجال «ما له معنى»، وأبت أن تعترف لها بأي نوع من الحقيقة، حرصا منها على فهمها الخاص، الشديد الضيق، للحقيقة وللمعرفة العلمية التي تنحصر فيما يقبل التحقيق
veriflcation . أما البنائية فكانت علمية بمعنى أوسع بكثير، يتسع لأنواع من النشاط ومن التجارب الإنسانية التي ظلت تعد حتى ذلك الحين داخلة في باب «اللامنطقي» أو «اللامعقول». وأتاح لها هذا التوسيع لحدود النشاط العقلي أن ترد اعتبار الإنسانية طوال الجزء الأكبر من تاريخها، وهو ذلك الجزء الذي كان تسوده الأساطير والطقوس والنظم البدائية. كما أتاح لها الوصول إلى معنى جديد للمعقولية، هو ذلك الذي يهتدي إلى تركيبات عقلية في تلك الظواهر التي تبدو في الظاهر أبعد ما تكون عن العقل.
ولقد انتهى «سيباج
Неизвестная страница