Философские корни конструктивизма
الجذور الفلسفية للبنائية
Жанры
وإذا كانت وحدة العناصر وتفاعلها المتبادل في البناء تمنع من معاملة أحد هذه العناصر (كالعنصر الاقتصادي) معاملة مميزة، بوصفه أصلا للباقين، فإن هناك أسبابا أخرى تؤدي في نظر «سيباج» إلى هذه النتيجة نفسها. ومن أهم هذه الأسباب، أن العامل الاقتصادي لا يمكن أن يكون عاملا ماديا بحتا، في مقابل نتيجة فكرية أو عقلية هي الأيديولوجية بصورها المختلفة. وينتقد سيباج التصوير التقليدي عند بعض الماركسيين، الذي يعالجون العامل الاقتصادي كما لو كان مادة خاما، تختلف في طبيعتها عن العوامل الأخرى التي هي «معلولات» لها. والواقع أن العقل الإنساني، الذي يتدخل في كل هذه العوامل، يزيل الفوارق النوعية بينها عن طريق تدخله هذا. فالأساس الاقتصادي لا يكتسب كيانه ووجوده إلا من تلك الدلالة التي يضفيها عليه العقل الإنساني؛ بحيث إن التضاد بين الواقع الاقتصادي والناتج الأيديولوجي المرتكز عليه ليس تضادا بين حقيقتين بينهما اختلاف أساسي في الطبيعة، وإنما هو تضاد يقع «داخل» الإطار العقلي والعلمي ذاته. ومن هذا الإطار العقلي يكتسب الطرفان معا دلالتهما. وهكذا تكون الوسيلة الوحيدة لدراسة العلاقة بين الاقتصاد والأيديولوجية، في نظر سيباج، هي البحث في العلاقة المتبادلة بين الطرفين. أما فكرة وجود بداية مطلقة، أو سببية نهائية، يكون فيها أحد الطرفين منتجا للآخر وأصلا له، فإنه يرفضها بوصفها فكرة مستحيلة.
وهناك سبب أخير يؤدي إلى إنكار فكرة السببية المطلقة بين الواقع الاقتصادي والأيديولوجيا، هو أن الناتج الأيديولوجي، من فكر أو فن أو دين، لا يكفي لتفسيره أن نرجعه إلى أصله؛ لأن هذا الناتج يخرج عن الأصل ويتجاوزه، ويكتسب خلال تطوره دلالة خاصة مستقلة عن الأصل الذي نشأ منه. ويعبر «سيباج» عن هذه الفكرة بقوله: «إن القول بأن نظاما فكريا معينا يتولد عن ممارسة اجتماعية معينة لا يكفي لتفسير طبيعة هذا النظام؛ إذ إن ما نعبر عنه على المستوى الرمزي يتجاوز دائما ذلك الواقع الذي اتخذ منه نقطة بدايته.»
4
وهو يستشهد في هذا الصدد برأي لبياجيه
يقول فيه: «إن تولد البناءات من أصل اجتماعي لا يفسر وظائفها اللاحقة؛ لأن هذه البناءات حين تندمج في تركيبات كلية جديدة، يمكن أن تتغير دلالتها. وبعبارة أخرى: فإذا كان بناء تصور معين يتوقف على تاريخه السابق، فإن قيمته تتوقف على موقعه الوظيفي في الكل الذي يكون هذا التصور جزءا منه في لحظة معينة.»
5
وهكذا يدافع «سيباج» عن تلك القدرة الخلاقة التي يتسم بها العقل الإنساني، والتي تجعل لنواتج هذا العقل استقلالا ذاتيا بالقياس إلى الواقع الاجتماعي الذي أنتجها. ويترتب على ذلك أن النسق البنائي الواحد الذي يكونه هذا العقل يستطيع أن يعبر عن أكثر من واقع أساسي واحد، كما أن الواقع الواحد يمكن أن يولد أنساقا متباينة. ولهذا الرأي نتيجتان هامتان، تؤلفان تعديلا أساسيا على النظرية الماركسية التقليدية:
الأولى:
هي إنكار وجود علاقة مباشرة بين الأساس الاقتصادي والاجتماعي الواحد، والنسق الفكري الذي يقال إنه يرتكز عليه؛ فالسببية هنا ليست خطية تجمع بين طرفين، بل هي متشعبة يمكن أن تسير في شتى الاتجاهات.
أما النتيجة الثانية:
Неизвестная страница