Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
حملق مايكل بوجهه مقطبا حاجبيه عند سماعه الجملة الأخيرة، شعر الرجل بالخجل فأراد أن يدرك الموقف. - لا أقصدكم أنتم بالذات، بل الوضع العام للغيتو أصبح الزحام فيه شديدا. •••
وقف مايكل على الشرفة المطلة على الزقاق يتأمل الحي والمارة، كان الناس في حال يرثى له، الأطفال المشردون وثيابهم الرثة وهم يستجدون المارين بأي شيء يملكونه حتى وإن كانت قطعة خبز يابسة أو متعفنة، والمرضى ملقون على قارعة الطرقات، ترى في وجوههم سوادا مخيفا وكأنهم قد أخرجوا من قبورهم، ولم يتوفر لهم في الغيتو مشفى يسع هذا الكم الهائل من المرضى .. كانت الرطوبة والقذارة ورائحتها الكريهة وكثرة الجرذان في أغلب بيوت الغيتو سببا في انتشار الأمراض المعدية كالتيفوئيد والكوليرا .. ففي إحدى الليالي أفاق مايكل صوت أنين سارة، اقترب منها كانت أمه قد وضعتها بحضنها على طرفها الأيسر ويدها على جبين سارة. - إنها مصابة بالحمى، اعتن بها، سأجلب ماء باردا وقطعة قماش أضعها على جبينها علها تخفف من حرارتها.
وضع مايكل رأسها على فخذه، كانت سارة تهذي من الحمى وتنطق أسماء صديقاتها في المدرسة بصعوبة «مينا سالي كاثرينا ...» لقد اشتقت إليكم كثيرا. ثم نظرت إليه وقالت: متى سنعود إلى بيتنا، أنا لا أحب هذا المكان. - سنعود قريبا يا حبيبتي ، حالما تتحسن صحتك، سنعود. - حقا؟ - نعم يا حبيبتي، فقط كوني قوية، لم يبق الكثير ونعود هناك .
أعطته ابتسامة صغيرة بوجه شاحب، صلى للإله ألا تكون قد أصابتها حمى التيفوئيد، سهرت الأم الليلة كلها وهي تضع الكمادات الباردة على جبينها ثم تعصر الماء منها وتعيد الكرة ودموعها تسيل على خديها.
في الصباح خرج مايكل يبحث عن طبيب في الأزقة والأماكن العامة، وبات يسأل الناس كالمجنون. - من يعرف طبيبا هنا؟ من يدلني إلى طبيب؟ هيا أخبروني.
لم يبق زقاق أو حي لم يدخله ويسأل من فيه، لكن دون جدوى. اتكأ على جدار بيت في قارعة الطريق واضعا يداه على رأسه ويفكر، كانت الأفكار متداخلة في رأسه، وكل ما يخشاه أن تكون قد أصيبت بالتيفوئيد، وبينما هو كذلك جلس أحدهم قربه وأعطاه ابتسامة صغيرة وقال: هل كنت تبحث عن طبيب؟
التفت إليه مايكل وقد اغرورقت عيناه بالدموع، رد عليه بصوت مبحوح: نعم. - أنا من أشهر أطباء وارسو.
انفرجت أساريره ومسح الدموع من عينيه. - أرجوك، أنقذ أختي الصغيرة في البيت قد أصابتها حمى شديدة من ليلة البارحة. - انتظرني هنا، سأجلب العدة ونذهب إليها، لن أتأخر. - أجل، استعجل أرجوك.
في الغرفة سأل الطبيب الأم: هل استطاعت أن تأكل؟ - حاولت معها، لكنها لا تشتهي الأكل وتقول بطنها يؤلمها كثيرا حتى نامت بعدها من شدة الإرهاق.
وضع الطبيب يده على جبينها بلطف، بعدها تفحص أسفل حنكها ثم توقف ومشى بخطوات وئيدة نحو الشرفة لحق به مايكل. - أخبرني ما بها؟ - لا أخفيك، إنها أعراض التيفوئيد، من الأجدر ألا تبقى في البيت، مرضها معد، سينتقل إليكم أنتم كذلك، يجب نقلها إلى المشفى بأسرع وقت، أنصحك أن تكلم أحد أعضاء المجالس علهم يقتنعون بنقلها إلى مشفى خارج الغيتو. - وهل يقبلون بذلك؟ الغيتو مليء بالمرضى، كيف لي أن أقنعهم؟ - بالمال يا مايكل، المال يفتح الأبواب الموصدة في هذه الحياة.
Неизвестная страница