Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
بعد قرابة نصف ساعة وضع أحدهم أمامه خوانا فيه خبز وحساء العدس وجرة ماء، ثم خرج وأغلق الباب. رفع أرتين الجرة على رأسه حتى ارتوى، ثم أسند ظهره إلى الحائط فأغمض عينيه وصلى للرب بأن يصدقوه.
بعدها فتح الباب فجأة، فإذا برجل طويل القامة ضخم الجثة عريض المنكبين دخل الغرفة وخلفه الملثم الذي هرب أرتين معه من وان، جلسا بالقرب منه، كانت ملامح الرجل قاسية وعيناه ثاقبتين ترى فيهما الشدة والغلظة دون أن ينطق بحرف.
دب الخوف في قلب أرتين وشعر أنه في ورطة حقيقية، ثم بدأ الرجل بالكلام: لقد أخبرني «ديكران» عن الذي حصل بينكما، والآن أخبرني عنك ابن من أنت؟ ومن أي قرية؟ - أنا من قرية «أنجرلك»، وأبي مختارها «تلمكيان». - تلمكيان والدك لديه علاقة طيبة مع الوالي! - أوتعرفه؟ - نحن نعرف الجميع هنا. - أبي يتنازل ويتقرب من الوالي لأجل أبناء قريته، للحفاظ على حياتهم من هجمات عصابات الحيدرانلي، وأنا تركت القرية لأجل الانضمام إليكم، في النهاية كلنا نريد حماية أبناء جلدتنا من الأرمن.
انتصب واقفا وأدار ظهره على أرتين، وخطا بخطوات بطيئة نحو الحائط المقابل، كان يبدو عليه أنه يفكر بشيء ما، وهو يمسح لحيته ويحكها بأصابعه، ظل صامتا على هذا الحال والكل يترقب ما ينجم عن هذا الصمت المخيف، ثم أدار وجهه وقال: حسنا، سأرسلك غدا مع بعض رجالنا إلى «تبريز» لتهريب الأسلحة منها إلى مدينة وان. إن نجحت في إيصال الأسلحة إلى الثوار داخل المدينة فستنضم إلينا، وإن فشلت .. فستعود إلى قريتك، فما رأيك في هذا العرض؟ - موافق لكن لدي صديقان قد بقيا في «وان» ولا يعرفان عني شيئا، هل تسمح لي أن أذهب إليهما وأطمئنهما عني ثم أعود ونذهب إلى تبريز، أخشى أن يخبرا والدي وتعج القرية بالخبر، لا أريدهم أن يقلقوا علي. - لن تذهب إلى «وان»، سنرسل إلى صديقيك من يطمئنهما عنك، فقط أعط عنوانهما إلى «ديكران»، وهو سوف يتولى الأمر، أما أنت فتجهز للسفر غدا.
وضع رأسه على الوسادة وبدأ يرحل بتفكيره بعيدا إلى تبريز ورؤية الأسلحة والمهمة الأولى له في مسيرته النضالية، كان شعورا لا يمكن وصفه بعدما يئس من الوصول إليهم، وكاد أن يعود إلى القرية حاملا ذيول الخيبة .. تأمل سقف الغرفة والابتسامة تعلو جبهته منذ خروجهما وقال في نفسه: ليت المجنون غريغور والمتردد بانوس كانا معي في هذه المهمة لقضينا الطريق في المزاح والضحك ولم نشعر بالتعب. •••
امتطوا الأحصنة وتوجهوا باتجاه الشمس عندما تكون في كبد السماء، مضوا قرابة الساعة على طريق «طرابزون-إيران» الذي يمر من وان أيضا، بعدها حادوا عن الطريق وتوجهوا صوب جبل «أرارات» الذي يفصل بين الدولة العثمانية وإيران (بلاد فارس)؛ الجبل الذي استقرت على قمته سفينة نبي الله نوح، كما جاء في أول سفر من «أسفار العهد القديم».
كانت الطرق متعرجة، والوديان عميقة تغطيها الأشجار، وصوت خرير المياه العذبة يملأ المكان، توقفوا على حافة الوادي. انتبه أرتين إلى قائد المهمة كان يتفحص المكان وكأنه يبحث عن شيء لم يعرفه، ثم جر لجام فرسه مبتعدا، وقال: اتبعاني.
عند أسفل الوادي قرروا أخذ استراحة بسيطة لتناول الغداء تحت ظل أشجار الجوز الكثيفة. كان أرتين مستمتعا في تلك الرحلة وكأنه يعيش في حلم لطالما تمنى أن يتحقق، لكن الغريب في الأمر أن الرجلين اللذين معه كانا قليلي الكلام ولا يتكلمان إلا للضرورة، ولم يسمع منهما غير: «سنسلك هذا الطريق»، «من هنا تستطيع الذهاب شمالا حيث يأخذك إلى مدينة يريفان»، «الطريق وعر على سفح الجبل، كن حذرا عندما نصل هناك».
لم يتكلما إلا عن الطرق، وإلى أين يؤدي كل واحد منها، وخطورة كل طريق .. وبينما هم على غفلة من أسلحتهم حاصرتهم مجموعة من الجنود، صاح القائد: العثمانيون!
وقبل أن يخرج مسدسه من خصره ضربه أحد الجنود بكعب بندقيته على قفاه فسقط مغشيا عليه، حاول أرتين الهرب، فصاح أحد الجنود: توقف وإلا أطلقت النار عليك!
Неизвестная страница