Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
تجمع رجال القرية في مضافة المختار تلمكيان؛ للحديث عن مواقفهم في الدفاع عن القرية ضد المهاجمين، كان أرتين حينها من أشد المتحمسين للانضمام إلى حزب الطاشناق الذين كانوا يوفرون الأسلحة لمؤيديهم من الأرمن، لكنه في كل مرة لا يستطيع طرح فكرة انضمام شبان القرية إلى الحزب خشية أبيه الذي كان يعارض ما يقوم به الثوار ضد الحكومة، لكنه لم يتمالك نفسه هذه المرة، فخرج ما كان يكتمه لسنوات ككتلة متدحرجة من قمة جبل. - أبي إلى متى سنبقى هكذا نخسر رجالنا ومواشينا أمام هذه العصابات، إلى متى؟
التفت الحاضرون إليه وهم في نظرة ذهول؛ لأنه تكلم مع المختار بصوت مرتفع! نظر تلمكيان إليه، وقال بحزم: إن الثوار طموحهم أكبر من حجمهم؛ فالعداء الذي سينتج من هذا الحزب وهذه الثورة أخطر علينا من عداء هذه العصابات، أنتم تعلمون أن قادتهم متعاونون مع الروس وهم أعداء حكومتنا، إنك لا تدرك مدى خطورة الوقوف أمام الدولة يا بني. - لكن القرى المنضمة إليهم لا يستطيع مهاجمتهم أحد. - مهما يكن حالهم فلن أقبل أن تنضموا إليهم، سأذهب غدا إلى والي مدينة وان «بحري باشا»، وأطلب منه زيادة عدد الدرك في القرية. - وماذا سيفعلون؟! ها هم اليوم قد اختبئوا في المخفر كالفئران في جحورها، ولم يطلقوا رصاصة واحدة حتى في الهواء خوفا من عصابات الحيدرانلي! - سأنقل للوالي ما حدث اليوم وأطلب منه تغييرهم، لكن فكرة الانضمام إلى الحزب لن تتم وأنا حي.
سكت الجميع، ولم يعلق أحد على كلامهما، ثم تفرقوا إلى بيوتهم .. لحق أرتين بصديقيه غريغور وبانوس اللذين يؤيدان الثوار الأرمن وأخبرهما أن هناك أمرا ضروريا يجب التحدث فيه. •••
تحت ظل شجرة الجوز الكبيرة الموجودة على سفح الجبل شمال القرية، سأله غريغور: تحدث! ما الأمر الضروري الذي تود إخبارنا به؟ - لقد نفد صبري من حالنا البائس هذا، إلى متى نبقى ضعفاء هكذا ننتظر الموت كالخراف عند باب المجزرة؟
في كل مرة يقتلون رجالنا وينهبون أموالنا ومواشينا، ويفسدون زرعنا، ونحن لا نفعل شيئا سوى الدفاع عن أنفسنا بثلاث بواريد قديمة وصدئة، كفانا هوانا كفانا! - ما الذي تفكر به يا أرتين أخبرنا، نحن معك في أي شيء تريده. - لا حل أمامنا سوى الانضمام إلى الثوار. - لكن كيف؟ - يجب أن نسافر إلى مدينة «وان» فننضم إلى الثوار هناك.
تساءل بانوس: ولمن نبقي القرية؟! العصابات ما لبثوا يهاجمونها منذ سنوات طويلة. - في القرية رجال كثر، سأعطي بارودتي لأحدهم، وأنت يا غريغور أعط بارودتك إلى أخيك أغوب، نحن الثلاثة لا نؤثر على قوة القرية، «هذا إن كنا نعتبر قوة بالأصل»؛ قالها متهكما. - أنا موافق؛ قال غريغور. - وأنت يا بانوس؟
بدا أنه يفكر بالأمر. كان «غريغور» حماسيا من الدرجة الأولى ويأخذ قراراته بسرعة دون تفكير إذا أعجبته الفكرة، أما بانوس فيفكر في كل خطوة يخطوها، ودائما ينظر إلى عواقب الأمور قبل كل شيء. - قل يا بانوس، ما الذي يدور في خلدك؟ لا تحرج نفسك، بإمكانك رفض الفكرة. - فلننتظر بماذا يعود والدك من عند الوالي، فإن جاء ببعض الدرك وغير هؤلاء الجبناء، عندها سنرحل عن القرية مطمئنين على أهلها. - وإن لم يستجب الوالي للمختار، ماذا سنفعل؟ - إن لم يستجب له، لا أظن أن قرار سفرنا إلى «وان» صحيح، نحن ندافع عن أهلنا هنا وسندافع عن أبناء جلدتنا من الأرمن هناك، ما الفرق في ذلك؟ لا، بل أهل القرية بحاجتنا أكثر من غيرهم. - إذن، ننتظر ما يعود به أبي من عند الوالي، بعدها نقرر السفر من عدمه.
على طول الطريق المتعرج التي تؤدي إلى القرية من جهة الجبل كان أرتين يفكر بالأمر وهو عائد إلى المنزل مع صاحبيه، ماذا لو جيء بالدرك واستطعنا رد هجمات العصابات دون خسائر؟ لم السفر إلى وان بعدها وقد تحققت الغاية ؟ أعلم أن أبي يستطيع إقناع الوالي بما يريد؛ لأن مكانته كبيرة عنده؛ إذ لم يمتنع يوما من دفع الجباية للحكومة، فهو يؤمن أن هذه دولته ويجب عليه الولاء لها وطاعة أوامرها.
لكن هل الغاية هي الدفاع عن قريتنا فقط؟
ماذا عن بقية القرى الأرمنية التي تتعرض للسلب والنهب والقتل، من يدافع عنهم؟
Неизвестная страница