Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
استمرت عمليات الشغب الجماعية من ليلة التاسع من نوفمبر 1938 إلى العاشر منه، وتم فيهما قتل أكثر من تسعين يهوديا وحرق عشرات المحال التجارية وسرقة محتواها، وكذلك حرق المعابد في كل أرجاء ألمانيا، وتم تبرير هذه الأعمال لقيام أحد الشبان اليهود الذي يدعى «هرشل غرينشبان» بإطلاق النار على السكرتير الثالث في سفارة ألمانيا بباريس «السير أرنست فون رات»، الذي مات على إثر تلك الحادثة تعصبا منه لطرد عائلته من ألمانيا إلى بلدة زبونشين الحدودية ورفض بولندا استقبالهم، ليجد المنفيون أنفسهم بلا مأوى في العراء. •••
خرج مايكل ليتفقد خسائر متجره لبيع الأقمشة في السوق القريب للحارة التي يقطنها، كانت كل التخيلات المتوقعة لحال المتجر التي خطرت له في الأيام الماضية وهم يخشون الظهور إلى الشوارع العامة، لم تكن بكل تلك البشاعة التي رآها. كان يقول في نفسه وهو يراقب المارة من النافذة المطلة على الرواق: «لربما كسروا الأبواب فقط أو سرقوا نصف الأقمشة أو حتى كلها.»
وقف قبالة متجره الصغير وقد تحول كل شيء فيه إلى رماد، سواد في سواد؛ الجدران والباب الخشبي الذي لم يبق منه سوى الإطار الحديدي، ضرب كفا بكف وهو يتمتم متحسرا: كسرت أيديكم، هدمت دوركم! ثم انتبه إلى السقف، فرأى فيه شقا طوليا من شدة اللهب جراء احتراق الأقمشة والرفوف الخشبية.
كانت إعادة ترميم المتجر تحتاج إلى مبلغ كبير عوضا عن البضاعة الجديدة إذا ما أراد العودة للسوق مرة أخرى، لكن اليأس تملكه؛ فمن يدري لربما تعاد الكرة، ويتم حرق المتجر من جديد، وفي خضم هذه الأفكار المتشابكة في ذهنه سمع صوت جاره آيخمان: لا تحزن، نستطيع إعادته مثل السابق، أنا معك بكل ما تحتاج إليه. - شكرا لك، لا أظنني أفكر في فتح تجارة بهذه المدينة مرة أخرى، نحن بتنا لا نضمن حياتنا هنا، فكيف نضمن تجارتنا؟! - الذي حصل لكم في تلك الليلة لم يكن يمثل توجه أهل المدينة كلها، أرجوك لا تظن أن الذي حصل يؤيده الجميع، بل هؤلاء ثلة ممن أعمى بصيرتهم التعصب العرقي. - وما فائدة ظني بكم؟ هل سيعيد خسارتي الظن السوء أو الظن الحسن بكم؟ - لم أقصد هذا .. لكنك تعلم جيدا أن الكثير من اليهود يعيشون هنا في ألمانيا ولم نفرق يوما بينكم وبين أي ألماني آخر. وجرت بيننا مصاهرات كثيرة، وتجد الكثير من الألمان من أب يهودي أو أم يهودية، لكن هذه الفكرة العرقية، وفصلكم أنتم والغجر وغيركم من البشر، وجعل المواطنة على أساس العرق؛ أمرا طارئا وشاذا لا يمكن أن يستمر. - لو لم تكن شيوعيا ...
وضع كفه على فم مايكل، وهمس في أذنه: إن سمعك أحد أفراد الجستابو فسيخفونني من الأرض.
فقال هامسا: لو لم تكن شيوعيا ومعارضا للحكم النازي لما انتقصت من فكرهم هكذا. - مايكل اهدأ! لا تدع غضبك يعميك ويشكل عليك عدوك من صديقك، أنسيت كم قتلوا منا قبل أربع سنوات في ليلة «السكاكين الطويلة»؟ - لم أنس .. لكن كيف لي أن أهدأ؛ ففي تلك الليلة عاد ديفيد ملطخا وجهه بالدماء وقد شج رأسه وتكسرت أضلاعه، واليوم أرى تجارتي أصبحت رمادا، وتريد مني أن أهدأ وأميز من حولي! - أحقا ما تقول؟ وكيف هو الآن؟ - تحسن قليلا .. لكنه طريح الفراش. - كسرت أيديهم. •••
في طريقه نحو البيت وهو يمشي الهوينا من زقاق إلى آخر لاحظ المتاجر المحترقة لليهود هنا وهناك، كل متجر مرسوم على حائطه النجمة السداسية قد تم إحراقه.
حاول أن يقارن خسارته بخسارة غيره ليخفف الوطء على نفسه، ثم شعر أن الخطأ الكبير الذي فعله اليهود هو خروجهم من عزلتهم واندماجهم في المجتمع، لطالما كنا أقوياء في عزلتنا نقاوم كل خطر فكريا كان أم جسديا يحدق بنا.
يبدو أننا لم نستطع تغيير النظرة السيئة تجاهنا من قبل المجتمعات بعد انصهارنا فيها، حتى وصل الحال لبعض اليهود أن قاموا بتغيير دينهم إلى المسيحية والاستغناء عن الزي اليهودي المعهود، وبالرغم من ذلك النظام النازي عاد إلى الوراء وفتح سجلات قديمة لنفوس الآباء والأجداد، وأن كل مسيحي ألماني حتى لو كان قسا ويحمل عرقا يهوديا يعتبر من اليهود ويلاقي ما يلاقيه اليهود الأصليون.
توقف هنيهة، أخرج سيجارة من جيب معطفه الأيمن أشعلها بعود ثقاب، وحرك يده ليطفئ العود قبل أن يرميه، ثم وضع السيجارة على الطرف الأيسر من فمه وعاد في تفكيره من جديد.
Неизвестная страница