Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
الفصل الثاني
القدس - فلسطين 1943م
إن في اللغة العربية كلمات جاءت من الصوت الذي يصدر عن الفعل، فنسمي الصوت الصادر من ضرب معدن بآخر ب «الطرق»، وهذه الكلمة مأخوذة من الصوت نفسه، وأخذ يضرب قطعتي حديد ببعضهما ويقول: أتسمعون كمية التشابه بين الصوت والكلمة؟
سكت هنيهة ثم قال: وكذلك العقوق يا أبنائي؛ فهي كلمة مأخوذة من صوت تدفق الدم من عنق الدابة عند ذبحها، فيصدر صوت أشبه ب «عق، عق»، وكأنها توحي أن تسمية «العقوق» جاءت لتشبه الخروج عن رضا الوالدين بذبحهما، لكن من دون سكين!
كان حسن ينصت إلى أستاذ اللغة والدين «محمود الخطيب» صاحب العلم الغزير والحضور المهيب الذي ملأ الحصة صمتا تاما إلا من صوت كلماته القليلة والمليئة بالمعاني العميقة، على عكس بقية الأساتذة الذين لا يستطيعون السيطرة على الطلاب في حصصهم.
وما إن انتهى الدرس حتى خرج حسن بصحبة صديقه المقرب هشام «ابن أكبر تجار الحي»، وكان من عادتهما أن يقضيا بعضا من الوقت في باحة الأقصى الشريف، يتأملان المارة تحت ظل شجرة معمرة، عند باب المغاربة قبل عودتهما إلى البيت.
نظر هشام إلى قبة الصخرة وهي تلمع وكأنها ياقوتة صفراء في قاع نبع صاف تعكس ضوء الشمس على الماء فتزيده عذوبة ونقاء أكثر، وقال لحسن: أتعلم .. لو بإمكاني تملك هذه القبة لأقنعت أبي بشرائها.
أخرج حسن ضحكة هازئة، وقال: تشتري بيتا من بيوت الله، أمجنون أنت؟! ولمن تدفع المال مقابله؟ - لا أدري، ألا يدور على ألسنة الناس أن البريطانيين وعدوا اليهود به؟ كيف يعدون بشيء ليس لهم ويتصرفون به؟!
ثم أليس هنالك مقابل لهذا الوعد؟ إذن من الممكن بيعه وشراؤه. - أتصدق هذه الترهات! بريطانيا الآن منهمكة في حرب كبرى، وأعداؤها أقوياء فلتحافظ على أراضيها إن استطاعت، لا يمكنها فعل شيء، أيامهم معدودة هنا، ما إن تتعرض بلادهم لخطر محدق حتى يجروا ذيول الهزيمة من فلسطين فجأة ويبقى الوعد حبرا على ورق، ثم إن المسلمين يفدون البيت بأرواحهم.
هز هشام رأسه مؤيدا ومد يده نحو حسن، وقال: هيا بنا لنعود إلى البيت.
Неизвестная страница