Геноцид: земля, раса и история
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Жанры
استأذن والي أرضروم من السلطان فأومأ إليه موافقا: حضرة السلطان المعظم نحن بحاجة إلى زيادة عديد القوات هناك؛ فالقرى متباعدة ونحن لا نملك العدد الكافي لتغطية تلك القرى بالجنود، وعادة ما يكون عدد المهاجمين أكبر من عدد الجنود الموجودين في مخافر القرى؛ ولذلك لا نستطيع إلقاء القبض عليهم أو حتى مجابهتهم، إضافة إلى وجود العصابات الكردية والنسطورية التي تقطع الطرق على قوافل التجار والمسافرين بين المدن وهم يقطنون الجبال، ولا قدرة لنا على الإغارة عليهم لنفس السبب.
التفت السلطان إلى بقية الولاة ليسمع منهم ما يرون في حل المشكلة، فكانت آراء البقية نفس رأي والي أرضروم، ومن ثم تدخل المستشار الاقتصادي للسلطان وأخذ الإذن منه بالكلام: جلالة السلطان المعظم، إن زيادة عدد الجنود تحتاج إلى ميزانية ضخمة، والدولة تمر بظروف اقتصادية صعبة، أنا أقترح إرسال جنود من المناطق ذات المشاكل الأمنية القليلة إليهم، وبذلك نسد النقص ولا نؤثر على ميزانية الدولة.
كانت تلك فكرة جيدة، وبدا التفاؤل يعتلي وجه السلطان إلى أن أخذ المستشار العسكري الإذن بالكلام من السلطان: أظن أن المستشار الاقتصادي قد نسي أننا طبقنا هذه الفكرة في زيادة عدد الجنود في المعارك الجارية مع اليونانيين على جزيرة كريت من جهة، والمعارك الجارية على حدود الدولة المترامية الأطراف من جهات أخرى، ولم يبق في المدن الآمنة إلا ما يسد الفراغ الأمني الضروري، برأيي لا بد أن نبحث عن حل آخر.
ساد الصمت مرة أخرى حتى أدار السلطان وجهه إلى شاكر باشا «القائد العام للقوات العثمانية» الذي كان جالسا يستمع طوال الجلسة إلى آراء الولاة والمستشارين: لم نسمع رأيك بالأمر؟!
تنحنح شاكر باشا وعدل جلسته قبل البدء بالكلام: جلالة السلطان المعظم، كما تعلمون أن تلك الولايات يقطنها أغلبية كردية، وكما هو معلوم لديكم أن الأكراد في بنيتهم الهيكلية ينتمون إلى عشائرهم أكثر من انتمائهم للدولة، وهذه العشائر تمتلك مقاتلين وخيالة متمرسين، وقد قاتل بعضهم معنا في حربنا ضد الروس واستبسلوا فيها، نعم توجد هنالك مجموعات منهم يعملون كعصابات سلب ونهب وقطع الطريق أحيانا، إلا أنهم يأتمرون بأوامر رؤساء عشائرهم ولا يخرجون عن طاعتهم .. لذا أنا أقترح أن نكسب رؤساء العشائر الكردية ونعطيهم بعض الامتيازات الخاصة، ونجعل فرسانهم تحت إمرة الحكومة، وبذلك نضمن أمرين رئيسيين في تقليل حدة الفوضى وإعادة سلطة الدولة في المدن الستة إلى سابق عهدها وقوتها بأقل التكاليف الممكنة.
أولهما: «أننا نقلل من العمليات التي تقوم بها بعض العصابات المنتمية إليهم، وذلك بأمر من رؤساء عشائرهم بالعدول عنها والانضباط تحت سلطة الدولة التي أصبحوا جزءا منها.»
وثانيهما: «ننظم جيشا كاملا بهم، يسدون النقص في الخيالة العثمانية على الحدود الروسية، وكذلك نقمع بهم الثورة الأرمنية في مهدها، ولا ندع مجالا للأرمن بكسبهم إلى جانبهم فتقوى ساعد ثورتهم.»
ابتهج السلطان بما سمع من شاكر باشا، ونظر إلى مستشاريه ليسمع رأيهم بالفكرة المطروحة، فقال المستشار العسكري: الفكرة جيدة، وأنا أقترح أن ننظمهم على شكل فرق مسلحة كما هي موجودة في القوات الروسية «فرق القوازق»، فهم كانوا أيضا مثل الأكراد فلاحين ومزارعين من أوكرانيا وغرب روسيا، وقد أدت القوازق دورا كبيرا في اتساع رقعة الإمبراطورية الروسية في خمسينيات هذا القرن، وكان دعمهم للأباطرة الروس غير محدود خاصة بعدما انخرطوا في الجيش الروسي، وبإمكاننا جمعهم تحت مسمى الجيش الرابع للمنظومة العسكرية العثمانية، لكن يجب أن يدخل مقاتلوهم في دورات تدريبية تحت إشراف الضباط النظاميين من الجيش العسكري، ولا بد من إعطائهم زيا موحدا ورسميا من مخازن الألبسة العسكرية المستعملة حتى يكونوا أقرب ما يمكن للقوات النظامية.
وعلى هذه الآراء انتهى الاجتماع الطارئ بقرار تشكيل فرق القوازق، الذي كان يحمل في طياته الكثير من التفاؤل لمصير المدن الشرقية للأناضول، وكان لا بد من قائد محنك لهذا الجيش الجديد حتى يستطيع أولا: كسب العشائر الكردية وإقناعهم للانضمام إليه. وثانيا: لا بد أن يحمل مكانة كبيرة في الدولة، فأوعز السلطان بتولي هذا المنصب إلى عديله «زكي باشا»؛ حتى يقود الفرق باسم السلطان.
بعدها بعدة أيام أصدر السلطان فرمانا يوصي بإنشاء كتائب «الفرسان الحميدية» مما أعطى للمنضمين لها مكانة عالية عندما ربط اسمه بها، وجاء ضمن الفرمان وعود كثيرة للعشائر التي تقبل الانضمام إليها، وكان الغرض المعلن من هذه التشكيلات هو الجهاد؛ أي الدفاع المقدس عن الإمبراطورية العثمانية، وفيها وجهوا دعوات إلى الكثير من رؤساء العشائر الكردية لزيارة السلطان في الآستانة ولبى الكثير منهم الدعوة. وعند زيارتهم الآستانة أبهرهم الاحتفال الكبير الذي استقبلوا به، حيث استقبلهم السلطان في قصر يلدز بنفسه، وبقي رؤساء العشائر قرابة شهر في ضيافة السلطان وقدم لهم الهدايا والألقاب والأوسمة والرتب العسكرية ومخصصات شهرية بعد أن وعدوا السلطان بتقديم الرجال إليه وبأعداد تفوق ما كانوا يستطيعون تأمينه من كثرة ما حصلوا عليه من هدايا، وإضافة إلى ذلك أمر السلطان بإعفائهم من الضرائب التي كانت تفرض على أراضيهم وممتلكاتهم.
Неизвестная страница