فأغرقت شفيقة في الضحك، ثم التفتت إلى والدتها ووالدة أدما، فإذا بهما قد غادرتا الغرفة ، فقالت: «ألم أقل لك؟ إنهما الآن ولا شك تتكلمان في الشأن المهم الذي جئنا للكلام فيه.»
فقالت أدما وقد نفد صبرها: «أهناك سر لا يجوز لي أن أطلع عليه، أم ماذا هناك؟» واغرورقت عيناها بالدموع.
فقالت شفيقة: «ليس في المسألة إلا ما يسرك ويسرنا جميعا، ولا أستطيع أن أصرح لك الآن بأكثر من هذا، على أنك بذكائك المعهود تستطيعين أن تدركي كل ما هناك.»
قالت: «صدقيني يا عزيزتي إني لم أفهم أي شيء.»
فبدت الدهشة في وجه شفيقة، وتلفتت نحو باب الغرفة كأنها تحاذر أن يسمع أحد كلامها، ثم همست قائلة: «لقد جاءت والدتي لتخطبك لحبيب، فهل فهمت؟»
فلما سمعت أدما ذلك، غلب عليها الحياء وخفق قلبها سرورا، لكنها لم تصدق النبأ، أو رأت التظاهر بأنها لا تصدقه، فقالت: «دعينا بالله من مثل هذا المزاح، فليس هذا وقته، ولا هو مما يليق بنا.»
فقالت شفيقة جادة: «وهل عهدتني أمزح بمثل ذلك؟ إني ما قلت لك إلا الحقيقة. ولولا ما تعلمين من محبتي لك ما صرحت لك بشيء قبل أن تتم المحادثة في هذا الشأن بين والدتي ووالدتك.»
فتحققت أدما أن الأمر جد ولا هزل، وكادت الدنيا لا تسعها لفرط سرورها، لكنها آثرت التجاهل وقالت: «اسمحي لي أن أصرح لك بأني غير مستعدة لتصديق ذلك. وعلى كل حال يحسن أن ندع هذا الحديث الآن.» ثم مدت يدها وأخذت تفحص نسيج الثوب الذي ترتديه شفيقة وقالت: «إنه نسيج بديع ولا شك من أين اشتريته؟»
فهمت بها شفيقة وقبلتها ثم قالت وهي تنظر في عينيها: «إنك لا تتصورين كم أنا سعيدة بخطبتك لحبيب، فأنا أحب كليكما كل الحب، وهذا ما كنت أتمناه مخلصة لكل منكما منذ عهد بعيد.»
فلم تتمالك أدما نفسها من البكاء فرحا بهذه البشرى المفاجئة، وهمت بشفيقة فقبلتها بدورها وهي تقول: «إن إخلاصك مما لا شك فيه.»
Неизвестная страница