لكنه عاد فقال لنفسه: «إن أدما تليق بي، ولا أظن أني أوفق إلى أحسن منها ولا سيما أن والدتي وشقيقتي يحبانها كثيرا.»
ثم خرجا من الهيكل صامتين وقلباهما يتكلمان، وشفيقة بينهما مشغولة بالنظر إلى ما حولها من الآثار العظيمة. وما لبثوا قليلا حتى وصلوا إلى الأهرام حيث كان بقية أفراد الرحلة ينتظرون هناك. •••
سر سليم وسلمى لبقائهما معا على انفراد، بعد ذهاب حبيب وشقيقته وأدما لمشاهدة الهيكل. وكانت سلمى أكثر سرورا بذلك لقلقها مما لاحظته على سليم من مظاهر الانقباض، وتشوقها إلى استطلاع سبب ذلك.
أما هو فكان لشدة تأثره يود نسيان ما يخالج ضميره من الشك في إخلاصها. ومع شدة رغبته في استطلاع حقيقة ما بلغه عنها كان كثير الميل لتكذيب ذلك وإجلالها عنه، مدفوعا بما تمكن في فؤاده من حبها واحترامها. على أن الغيرة كانت تدفعه إلى تحقق الأمر بنفسه. فلما خلا إليها نظر إليها نظرة تشف عما يتردد في قلبه ويتجاذبه من عوامل الحب والغيرة، فأجابته بنظرة تتخللها عواطف تتقد محبة رغم ما يسودها من القلق والاضطراب.
وأخيرا قال لها: «إلى أين ذهب حبيب وزميلتاه؟»
قالت: «ذهبوا إلى أبي الهول.»
فقال: «وكيف استطاع الذهاب الآن؟» فلم تفهم مراده وقالت: «وماذا يمنعه من الذهاب؟»
فأطرق ساكتا مترددا بين التصريح والكتمان، وداخلها الريب في سكوته، فعادت تسأله: «هل هناك ما كان يمنع ذهابه الآن؟»
فازداد ما عنده من الحيرة والتردد، وقال : «لا أدري.» فقالت: «ومن يدري إذن؟»
ونظرت إلى عينيه كأنما تبحث فيهما عما في ضميره، فلم يسعه إلا أن تنهد وقال: «أنت التي تعلمين.»
Неизвестная страница