وخطت نحوها وهي ما زالت تمسح عينيها بمنديلها متظاهرة بأن بعض الغبار تطاير إليهما حتى دمعتا، فانطلت حيلتها على أدما وقالت لها حين اقتربت منها: «يقول حبيب أفندي إن هذه الأهرام قد بنتها الأسرة الرابعة من ملوك الفراعنة من حوالي خمسة آلاف سنة!»
فقالت سلمى: «قد كنا الآن في مثل هذا الحديث وقال لي سليم: إن 12 ألفا من الناس عملوا في بنائها.» ثم نادت سليما وقالت له: «أليس كذلك؟»
وكان قد مسح عينيه وأخفى عواطفه، لكنه كان يود لو أنه بقي مع سلمى على انفراد حتى يبوح لها بما في فؤاده من الشك، فلما سمعها تناديه تقدم نحوها مضطرا وأجاب بقوله: «لا تعجبوا لما يقال لكم عن قدم هذه الأهرام، فإن أبا الهول الذي تشاهدون قفاه من هنا أقدم منها كثيرا، وهو من صنع الأسرة الثالثة الفرعونية.»
فتعجبت أدما من ذلك وقالت: «كنت أسمع أن في هذه الناحية مكانا قديما اسمه الكنيسة فأين هو؟ إني أود أن أراه.»
فقال حبيب: «هو إلى جانب أبي الهول.»
قالت: «هل هو كنيسة حقيقية؟»
قال: «لا، ولكنه هيكل من هياكل المصريين القدماء وإنما سمي كنيسة لأنه يشبه الكنائس من حيث كبره واتساعه.»
ثم أظهرت ميلا شديدا لمشاهدة أبي الهول والكنيسة، فقال لها حبيب: «ألا تتمهلين ريثما نشاهد هذا الهرم أولا ونستريح قليلا ثم نمضي إلى الكنيسة لمشاهدتها؟»
قالت: «أود مشاهدتها الآن، وأخشى أن يشتد الحر بعد قليل فلا أستطيع الذهاب إليها إلا بمشقة.»
فاقترح حبيب أن يسيروا جميعا إلى هناك، وبدا أنهم موافقون على ذلك، لكن سلمى قالت: «إني أعرف ذلك المكان وقد شاهدته مرة قبل هذه برفقة والدي.» وقد أرادت بذلك أن تعود إلى الاختلاء بسليم ليتما الحديث لأنها قلقت لما شاهدت منه.
Неизвестная страница