Остров Родос: его география, история и археология, с последующим кратким историческим обзором известных островов Эгейского моря

Хабиб Газала d. 1450 AH
18

Остров Родос: его география, история и археология, с последующим кратким историческим обзором известных островов Эгейского моря

جزيرة رودس: ‎جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه

Жанры

لكل أمة آثار تدل على ما كان لها من الشأن في الحضارة والمدنية، وما اشتهرت به من العلوم والفنون. والآثار من أهم الوسائل التي توصل بها العلماء إلى حل معضلات التاريخ وكشف مكنوناته، وحسبنا شاهدا على ذلك الآثار المصرية، فهي التي كان عليها المعول، بعد حل رموز الكتابة الهيروغليفية، في كشف القناع عن غوامض تاريخ مصر، وتصحيح ما رواه قدماء المؤرخين مثل مانيثون وهيرودوتوس وديودورس الصقلي واسترابون. قال «دي روجه» العلامة الأثري الشهير: «إن ما ذكره الكاهن مانيثون عن تقسيم الدول المصرية مبني على مزاعم واهية ومخالف لما دلت عليه الآثار.» ولما كان مدار الكلام في هذه النبذة على الآثار اليونانية التي هي موضوع البحث فنقول: إن من أكبر الأدلة على ما لهذه الآثار من الشأن والأهمية عناية الدول الكبرى بدرسها؛ فقد أنشئت لذلك عدة معاهد في أثينا عاصمة اليونان، أشهرها معاهد إنجلترا وألمانيا وفرنسا، غير البعثات العلمية الموفدة من قبلها إلى المدن اليونانية؛ للبحث والتنقيب عن تلك الكنوز الثمينة التي هي أعظم شاهد على ما كان لأمة اليونان من الحضارة والعمران، وما بلغته في أنواع الفنون من الإبداع والإتقان، وقد اكتشف العالم الأثري الشهير «فلندرس بتري» في مدينة نوكراتيس المصرية التي استوطنها اليونانيون في عهد الملك أحميس كثيرا من المعابد والمقابر اليونانية والمعامل التي كانوا يصنعون فيها الأواني والتماثيل. وما وجد من الآثار في أطلال هذه المدينة يشبه تمام الشبه ما عثر عليه العلامة شالزمان في مدينة كاميروس بجزيرة رودس من المصنوعات اليونانية، وقال الدكتور أبوستوليدس في رسالة موضوعها: «أثر الحضارة اليونانية في مصر»

2

ما ملخصه: «أن المصريين اقتبسوا من اليونان تلك الفنون البديعة والصناعات الدقيقة التي ظهر أثرها في عهد الدولة الثامنة عشرة، وبيان ذلك أنه لما استولى الملك أمنوفيس الثالث على أكثر جزائر الأرخبيل؛ انتقلت صناعة اليونان إلى وادي النيل، وأن ما يوجد في دار الآثار المصرية من مصنوعات هذه الدولة لا نظير له في آثار من سبقها وأعقبها من الدول.»

هذا ما قاله الدكتور أبوستوليدس، ولعلماء العاديات الرأي الأعلى والقول الفصل في ما عزاه إلى أبناء وطنه من التقدم والفضل، على أن الفن المصري قد ظهرت آياته وتجلت بدائعه، على ما أثبته «لنورمان» و«دي روجه» و«مارييت»، منذ الدولة الرابعة التي بنيت في عهدها أهرام الجيزة أي منذ 4000 سنة قبل المسيح، ومما وجد من آثار هذه الدولة وأودع في دار الآثار المصرية تمثال للملك خفرع (كفرين) باني الهرم الثاني، فقد أجمع أرباب الفن على أنه المثل الأعلى والآية الكبرى في الإتقان والإبداع، والتمثال المصنوع من الخشب والمشهور بشيخ البلد، وهو غاية في الدقة والإحكام، ومثله الكاتب المصري، وهو من آثار الدولة الخامسة، وفي متحف اللوفر بباريس تمثال آخر للكاتب المصري وهو من أبدع ما أخرجته يد الفن في محاكاة الطبيعة. أما ما ذهب إليه الدكتور أبوستوليدس في رسالته المذكورة من أن اسم «هانيبو» الذي وجد على الآثار المصرية يراد به اليونان، وأن وجود هذا الاسم على أقدم الآثار دليل على أن اليونان وفدوا على وادي النيل في أقدم العصور، فهو من الآراء التي يجدر بعلماء الآثار فحصها وتحقيقها علهم يفتوننا بما ينجلي به وجه الصواب ويكون فيه فصل الخطاب.

وسواء كان الفضل لليونان في ما بلغه المصريون من إتقان الفنون الرفيعة أو كان المصريون معلمي اليونان كما هو مشهور، فإن براعة اليونان في إتقان هذه الفنون لا تحتاج إلى بيان، ناهيك بتلك التماثيل التي يتجلى فيها من آيات الروعة والجمال ما يسحر العقول ويأخذ بالألباب، وذلك للدقة المتناهية في محاكاة الطبيعة بأكمل مظاهرها وأجمل معانيها، فمن إحكام في النسب ووضوح في عضلات الجسم وقسمات الوجه وملامحه، فضلا عن التفنن العجيب في أشكال هذه التماثيل وأوضاعها، وقد نسج الرومان على منوال اليونان في الحفر والتصوير فأبدعوا وأجادوا.

ولما كان وصف ما خصصت له الآثار اليونانية من المعبودات، وذكر ما يتصل بها من الأساطير لا يتسع له المجال، رأيت أن أقتصر هنا على بيان ما وقفت عليه في أثناء البحث من أوجه الشبه بين معبودات اليونان وعقائد سائر الأمم المتوغلة في القدم، كالهنود والمصريين والآشوريين والبابليين والفينيقيين والفرس والرومان والعرب أيام الجاهلية.

أشهر معبودات اليونان ومقارنتها بمعبودات قدماء الأمم

قبل الخوض في هذا الموضوع لا بد لنا من كلمة في الميثولوجيا؛ توطئة لما سيأتي ذكره من هذه المعبودات، وما تدل عليه من المعاني والصفات، فنقول: المثيولوجيا لفظة يونانية مركبة معناها «سير الآلهة» وموضوعها أساطير الأمم الوثنية، وثمرتها الوقوف على عقائد تلك الأمم وأحوالها وعاداتها وسير أبطالها، وعدا ما اشتملت عليه هذه الأساطير من الفوائد التاريخية والعلمية، فلا بد للأديب من التحلي بفرائدها وإلا تعذر عليه فهم منظومات فحول الشعراء من اليونان والرومان، ومن حذا حذوهم من شعراء سائر الأمم، فإن أشعارهم لا تخلو من الاستعارات والكنايات والشواهد والأمثال المقتبسة من تلك الأساطير، ناهيك بما اشتملت عليه من الحكم والعظات البالغة والرموز التي تشير إلى كثير من الحقائق التاريخية.

تمثال الذئبة والطفلين «شارة رومة» وتمثال الأيل «رمز جزيرة رودس» أقيما في مدخل المينا الشرقية سنة 1927.

ومن نظر في أساطير الأمم القديمة، رأى أنها عبدت في مبدأ الأمر كل ما له في النفس تأثير ورهبة وهيبة وروعة، كالشمس والقمر وسائر الكواكب، ثم تعددت المعبودات وتنوعت أساليب العبادة وتباينت أشكالها، وبعد أن كانت كل أمة مستقلة بمعبوداتها قد تسلسلت العقائد وانتقلت من أمة إلى أخرى؛ ولهذا نرى فيها من أوجه الشبه ما يدل على أنها مقتبسة بعضها من بعض، وقد اختلفت الآراء في منشأ ما تشابه منها، فقيل إن مصر مصدر هذه العقائد، وذهب بعضهم إلى أنها نشأت أولا في الهند، ثم انتقلت منها إلى مصر والصين وفينيقية وبلاد الكلدان والفرس وغيرها. وسواء كان مصدر هذه العقائد مصر أو الهند، فالمحقق أن اليونان قد توسعوا في عقائدهم وأتوا من التفنن والإبداع في أساطيرهم بما لم يسبقهم فيه سابق، وهذبوا ما تلقوه عن الأوائل، فنبذوا عبادة الحيوان والجماد، وإليك ما وقفت عليه أثناء المقابلة والمقارنة من المشابهات بين آلهة اليونان ومعبودات سائر الأمم: «من معبودات اليونان «زفس» كبير الآلهة، وهو في مقام «جوبيتر» عند الرومان، و«أندرا» عند الهنود، و«مردوخ» عند البابليين، و«أرمزد» عند الفرس، و«المشتري أو برجيس» عند العرب، وزوجته «هيرا» وهي «يونون» عند الرومان و«درجه» عند الهنود، وابنهما «إيروس» واسمه «كوبيدون» عند الرومان، و«كاما» عند الهنود، ومن أكبر معبوداتهم «أبولون» إله الشمس والفنون والآداب، ويسمى «هليوس» و«فيبوس»، وهو «أبولو» عند الرومان و«كرشنا» عند الهنود و«رع» أو «هوروس» عند المصريين، و«شماخ» عند الكلدانيين، و«مترا» عند الفرس، وورد في التوراة اسم صنمين كانا يمثلان الشمس، وهما «أرمون»، وكان في بقعة مجدون و«هداد» وكان يعبد في دمشق، وكان لأبولون تسع بنات هن ربات الفنون الجميلة، ويطلق على مجموعهن اسم «موسيه» باليونانية، ومنه لفظ موسيقى في أكثر اللغات، وقد أبدع اليونان وأصابوا فيما تخيلوه من أنهن أخوات؛ لما بين هذه الفنون من الصلة والارتباط. ومن معبودات اليونان «أثينا» ربة الحكمة وهي «مينرفا » عند الرومان و«نيث» عند المصريين و«سارسفاتي» عند الهنود، ومن معبوداتهم «هرقليس» وهو يشبه «ملكارث» عند الفينيقيين و«أدار» عند الآشوريين. ومنها «أفروديت» ربة الجمال، وهي «فينوس» عند الرومان، و«لخمي أو راتي» عند الهنود، و«ناهيد» عند الفرس و«الزهرة» عند العرب و«حاتحور» عند المصريين، و«عشتروت» عند الفينيقيين، ومن معبوداتهم «أرطميس» إلهة الصيد، وهي «ديانا» عند الرومان، ويرمز لها بالقمر، ومنها «هرمس» سفير الآلهة وإله التجارة والصناعة، وهو «مركور» عند الرومان و«تحوت» عند المصريين، و«نابو» عند الكلدانيين، و«نردا» عند الهنود، و«عطارد» عند العرب، ومنها «آرس» رب الحرب. وهو «مارس» عند الرومان، و«نرغال» عند الكلدانيين، و«اشكند» عند الهنود، و«بهرام» عند الفرس، و«المريخ» عند العرب، ومنها «خرونوس» (الزمان) وهو يشبه «ساتورن» عند الرومان من بعض الوجوه، و«مولوك» عند الكنعانيين، ويسمى «كيوان» عند الفرس، و«زحل» عند العرب، ومنها «بوسيدون» رب البحار، وهو «نبتون» عند الرومان، و«داجون» عند الكلدانيين، و«فارونا» عند الهنود، ومنها «أديس» ملك الجحيم والظلمات، وهو نظير «بلوتون» عند الرومان، و«ياما» عند الهنود، ومنها «هيفستوس» إله النار، وهو «فولكان» عند الرومان، ومنه لفظة بركان المستعملة في العربية للدلالة على جبل النار، واسمه «أدرملك» عند الآشوريين، و«شفاكرما» عند الهنود و«فتاح» عند المصريين، ومنها «ديميتيرا» ربة الزراعة والخصب، وهي مثل «سيريس» عند الرومان، و«سري» عند الهنود، ومنها «ديونسيوس» إله الخمر، وهو «باكوس» عند الرومان، ومن الآلهة التي عبدها اليونان والرومان باسم واحد «اسكولابيوس» إله الطب وهو «أشمون» عند الكلدانيين، و«إمحوتب» عند المصريين، و«بعل صيدا» عند الفينيقيين، ومن معبودات اليونان «أدونيس» الذي افتتنت به ربة الجمال والحب، ويشبه «تموز» من معبودات سوريا. وكان اليونان يضحون لبعض معبوداتهم بالضحايا البشرية اقتداء بالكنعانيين والآشوريين، ويضعون مع الميت أنواع الزاد مثل المصريين.»

Неизвестная страница