ومنهم القاضي العلامة الفاضل الحاكم العادل المرضي صارم الدين إبراهيم بن الحسن العيزري(1) من العلماء الأبرار الصالحين الأخيار، وله مع كمال علمه الورع الشحيح والصبر على أمور المسلمين وسلامة الصدر ولو ذكرنا تفصيل ذلك لطال، من ذلك أن بعض أهل شهارة المحروسة بالله أوصى بحجة الإسلام وعين لذلك موضعا في محروس شهارة أيضا ولم يحصل من الوارث تنفيذ الوصية فأنفذها القاضي وباعه وجهز الحاج وقبض المشتري المال وتصرف فيه في محضر الورثة وعلمهم وعجزهم عن التسليم وقضى الأمر، وانفصل زيد من عمرو، ثم بعد أيام حك في صدر أشقاهم وسوسة شيطانية أن القاضي يبيع عنهم وهم في الحياة، وكان القاضي إذ ذاك في حضرة مولانا الإمام الأعظم المتوكل على الله رب لعالمين أيده الله على حاله المعروف لا وقت له يخصه إلا ما لا بد منه، فإنما هو مستغرق الذات والحواس لإصلاح الناس، فهبط هذا الشقي من شهارة المحروسة بالله إلى أقر(2)، وقيل: إنه سئل في الطريق أين تريد؟ فقال: أقتل القاضي الذي باع مالي وكأني امرأة فضحك السامع استبعادا وظن أن ذلك من المجون ومما لا يقدر أن يكون، فوافق ذلك اليوم قدوم مولانا السيد العلامة صفي الدين أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين أطال الله بقاه والناس في لقاه فوافق ذلك الشقي القاضي يريد الإمام أو خرج من عند ذلك -عليه السلام- ولا في المكان غيره، فوثب عليه بطعنات وحضر من دافع عنه بإعانة الله مع أنه يعني القاضي غير محترس، فأراد بعض من أغار البطش بذلك الشقي فدافع عنه القاضي ثم أبرأه بعد، وقال كما قال أمير المؤمنين كرم الله وجهه وصلوات الله عليه في ابن ملجم -لعنه الله- وهذه أختها(3) الصغرى وأحتمل القاضي إلى منزله وهم الإمام -عليه السلام- [46/أ] فيما بلغ بقتل عدو الله من باب من أتى الفساد في الأرض، فلا زال القاضي يدافع عنه حتى أرسله الإمام بعض الحبوس ولم يلبث أن أهلكه الله، وكان لهذه القضية أمر عظيم وموقع جسيم.
Страница 119