153

Прозрачная суть, извлечённая из глубин исследования

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور(210)سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب(211)زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب(212) {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} معنى إتيان الله إتيان أمره، وبأسه {في ظلل} جمع ظلة وهي ما أظلك {من الغمام والملائكة} وهو السحاب لأن الغمام مظلة الرحمة، فإذا نزل منه العذاب كان الأمر أقطع وأهون لأن الشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغم كما أن الخير إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسر وأتم، فكيف إذا جاء الشر من حيث لا يحتسب الخير كالصاعقة مع المطر، ومن ثم اشتد على المتفكرين في كتاب الله قوله تعالى {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} وقضي الأمر أي: أتم أمر هلاكهم وتدميرهم وفرغ منه {وإلى الله} أي: إلى جزائه في الآخرة، {ترجع الأمور} أمورهم وأمور غيرهم لا ترجع إلا إليه فيجازيهم وهذا وعيد لهم، {سل بني إسرائيل} أمر للرسول وهو سؤال توبيخ وتقريع، كما يسئل الكفرة يوم القيامة {كم أتيناهم من آية بينة} على أيدي أنبيائهم وهي معجزاتهم أو من آية في الكتب شاهدة على صحة دين الإسلام، {ومن يبدل نعمة الله} وهي آياته وهي أجل نعم منه لأنه أسباب الهدى وطرائق النجاة من الضلالة وتبديلهم إياها إن الله ظهرها لتكون أسباب هداهم فجعلوها أسباب ضلالتهم أو حرفوا آيات الكتب الدالة على دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم {من بعد ما جاءته} أي: من بعد ما تمكن من معرفتها، أو عرفها لأنه إذا لم يتمكن من معرفتها أو لم يعرفها فكأنها غائبة عنه {فإن الله شديد العقاب} للمبدل {زين للذين كفروا الحياة الدنيا} المزين هو الشيطان زين لهم الدنيا وحسنها في أعينهم ووساوسه وحببها إليهم، فلا يريدون غيره، ويجوز أن يكون الله قد زينها لهم، بأن خذلهم حتى استحسنوها وأحبوها أوجد إمهال المزين تزيينا {ويسخرون من الذين أمنوا} كان الكفار يسخرون من المؤمنين الذين لا حظ لهم في الدنيا كابن مسعود وعمار وصهيب وغيرهم أو يسخرون منهم لطلبهم غير الدنيا، {والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة} لأنهم في عليين من السماء وهم في سجين من الأرض أو حالهم عالية لحالهم لأنهم في كرامة وهم في هوان، {والله يرزق من يشاء بغير حساب} بغير تقدير يعني أنه يوسع على من توجب الحكمة في توسعه عليه كما وسع على قارون وغيره، فهذه التوسعة عليكم من جهة الله لما فيها من الحكمة وهي استدراجكم بالنعمة، ولو كانت كرامة لكان أولياءه المؤمنون أحق بها منكم، {وقال من الذين أمنوا} ثم قال {والذين اتقوا} لأنه لا يصعد عنده إلا المؤمن المتقي وليكون بعثا للمؤمنين على التقوى إذا سمعوا ذلك.

Страница 173