Сущность человечества: бесконечный поиск и непрекращающееся движение
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Жанры
استغرق أقل قليلا من ألف سنة كي ينتشر في جميع أنحاء الأمريكتين، فترجع البقايا البشرية في باتاجونيا، في الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية، إلى 10500 سنة
12 (رغم أن أصلها، كما سنرى بعد قليل، لا يخلو من الجدل). فإذا استطاع الإنسان توسيع بيئته بمقدار 8 آلاف ميل، من شمال كندا حتى جنوب شيلي، خلال ألف عام أو ما شابه، لماذا لا يمكنه إجراء توسع مشابه، من أفريقيا إلى أوراسيا، في فترة تعادل 100 ضعف هذه المدة ؟
لم يكن نوع الحياة التي يعيشها الإنسان العاقل في هذه الفترة يختلف كثيرا عن حياة أسلافه الهومو؛ فكان لا يزال صائدا وجامعا للأعشاب، ويرتدي جلود الحيوانات في شمال أوروبا وآسيا، لكنه ربما كان يسير عاريا في المناطق الاستوائية في أفريقيا وجنوب آسيا. ليس من الواضح متى ظهر الاحتشام بشأن إظهار الأعضاء التناسلية؛ فمتى عثر المستكشفون في القرن التاسع عشر والعشرين على مجتمع بدائي من الناس الذين انعزلوا عن باقي العالم، في أفريقيا أو غينيا الجديدة أو في غابات الأمازون، كانوا يجدون أن الرجال والنساء يغطون أعضاءهم التناسلية.
13
في حالة الرجال، لا بد أن رباطا من نوع ما، لمنع الخصيتين من التدلي وإعاقة الصيد وممارسة الأنشطة الأخرى، قد سبق ظهور الرداء الذي يرتدى فقط لأسباب اللياقة. ربما وصل الاحتشام لأعلى درجاته بين الأوروبيين في القرن التاسع عشر، لكنه اختفى بسرعة، فأصبحت مستعمرات العراة والعري الكامل في شواطئ معينة إحدى سمات عصرنا. تشير التغيرات الدورية في الملابس إلى سعي الإنسان المستمر للتجديد.
تمثل اختلاف الإنسان العاقل عن الأنواع المبكرة من الهومو في قدرته على الكلام؛ فأدى ظهور أحبال صوتية معقدة إلى تمكن أعضاء إحدى المجموعات من التحدث بعضهم إلى بعض، وعندما استقرت المجموعات وأصبحت منعزلة في أجزاء مختلفة من أفريقيا وأوراسيا التي توسعت فيها، تطورت لغاتهم إلى أشكال مختلفة؛ فعلى عكس التكنولوجيا، التي تتسم بوحدة كبيرة في الشكل والوظيفة لدى شعوب مختلفة، ظلت اللغات منفصلة. وهي تمثل إشارة جيدة على مدى تفاعل المجتمعات المختلفة؛ في كثير من أنحاء أوراسيا من ناحية (تشهد السمات المشتركة لكل اللغات الهندية الأوروبية)، وغيابه تماما في أماكن أخرى (فكر في الألف لغة المستخدمة في غينيا الجديدة، على الأقل 10 منها له أصول مختلفة تماما). سنعود للحديث عن هذا الموضوع في الفصل الثامن.
لم يرض كل الذين استقروا في جنوب شرق آسيا بالبقاء هناك؛ فمنذ 50 أو 40 ألف سنة انتقل البعض إلى أستراليا،
14
ومنذ 30 ألف سنة كانوا قد وصلوا إلى جزر سليمان. في هذا الوقت كان كثير من الجزر الإندونيسية ما زالت متصلة بعضها ببعض (أرض سوندا)، كما كانت غينيا الجديدة وأستراليا وتسمانيا لا تزال كتلة أرضية واحدة (ساهول)، ومع ذلك كان من الضروري المرور على ثمانية معابر بحرية من أجل الانتقال من الطرف الجنوبي الشرقي للقارة الآسيوية إلى ساهول؛ ومن ثم لا بد أن هؤلاء المسافرين قد توصلوا إلى فن بناء المراكب البسيطة. من المحتمل أن هذه المراكب كانت زوارق طويلة خفيفة مصنوعة من جذوع الأشجار المجوفة أو من جلود الحيوانات، مع استخدام كل فرد في الطاقم مجدافا خشبيا مصنوعا خصوصا، مثلما يفعل حاليا بعض سكان جزر بولينيزيا، أو ربما كانت أطوافا مصنوعة من جذوع الأشجار المثبتة معا بالشجيرات الصغيرة. لم تكن مساحات المياه التي تحتم عليهم عبورها كبيرة للغاية؛ فكانت تبلغ أطول مساحة نحو 54 ميلا، أو ضعف عرض القناة الإنجليزية، لكنه مع ذلك كان إنجازا هائلا. تذكر أن هؤلاء كانوا صيادين بسطاء وجامعين للنباتات، خاضوا البحر دون أدنى فكرة إلى أين يذهبون، لأسباب غير معروفة. ورغم أن فرص البقاء على قيد الحياة عند التوسع في مناطق جديدة على الأرض متفاوتة، فإن فرص النجاة في البحر على أمل الوصول إلى الأرض تكون في الواقع ضئيلة. من بين كل المستكشفين الذين عاشوا على وجه الأرض، أظهر أسلاف سكان أستراليا الأصليين وسكان جزر سليمان بالتأكيد أكبر جلد في سعيهم لاستكشاف نطاقات جديدة. ومنذ هذه الفترة في التاريخ فصاعدا، انقرض إنسان نياندرتال في أوراسيا، وكان الإنسان العاقل النوع البشري الوحيد على وجه الأرض؛ وعليه فسأتخلى عن المسميات العلمية المتعبة وسأشير إلى نوعنا بكلمة البشر وحسب.
في الفترة بين 16 ألف سنة و12 ألف سنة مضت، بدأت مجموعات من البشر الذين استقر أسلافهم في سيبيريا منذ آلاف السنين، والذين يجتمعون معا تحت العرق المنغولي، في توسع آخر، فعملوا على توسيع موطنهم في اتجاه الطرف الشمالي الشرقي لسيبيريا. في هذا الوقت كان أحدث عصر جليدي يوشك بالفعل على النهاية، لكن آسيا وأمريكا كانتا مرتبطتين بقطعة من الأرض في هذه المنطقة. ومن هذه المنطقة انتشرت مجموعات من الشعب المنغولي إلى ما يعرف حاليا بشمال كندا، ربما على موجتين. في غضون ألف سنة أو ما شابه، ارتفع منسوب مياه البحر واختفى الجسر البري؛ فكان الرجوع يحتاج إلى مراكب.
Неизвестная страница