Сущность человечества: бесконечный поиск и непрекращающееся движение
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Жанры
منذ فترة تتراوح بين مليون إلى مليوني سنة بدأت مجموعات من الهومو استكشاف ماذا يوجد خارج موطنهم المباشر في الأدغال الأفريقية. على الأرجح كانوا من نوع الإنسان المنتصب، لكن لا يمكننا التأكد من هذا؛ لأن الإنسان المنتصب لا بد أنه عاش لمئات الآلاف من السنوات مع سلفه الإنسان الماهر (على افتراض أنهما كانا نوعين منفصلين، وليسا مجرد شكلين مختلفين من النوع نفسه)، ومع ذلك من وجهة نظر توضيح النزعة الاستكشافية لدى أسلافنا، لا يهم في الواقع إذا كانوا من نوع الإنسان العامل أو الإنسان المنتصب. كما أن المنشأ الجغرافي المحدد لهذه المجموعات المبكرة من الهومو ليس معروفا أيضا، وربما بدأ تكون مجموعات مختلفة من أماكن مختلفة. بالتأكيد لا بد أن تكون مجموعات كثيرة منها ترجع أصولها إلى الأجزاء السفلى للوادي المتصدع الكبير، الذي شهد أغنى اكتشافات لنشاط أشباه البشر. كانت الأدوات التي عثر عليها بجوار بقاياهم ما تزال بدائية للغاية؛ ليس أكثر من مجرد حجارة مدببة صنعت من خلال حك قطعة بأخرى، وهي عملية يسميها علماء الآثار «التقشير»، ولم تركب مثل هذه الأدوات إلا فيما بعد على أعمدة خشبية لصنع فئوس ورماح بدائية.
لا بد أن المتجولين أدركوا منذ فترة مبكرة للغاية أن النيران التي تشتعل أحيانا بفعل البرق لا تمثل خطرا، شريطة أن يبقى المرء على مسافة آمنة منها. وعلى العكس، تبعد النيران المفترسات المحتملة، وتطهو الحيوان الذي تمكن أحد أفراد المجموعة من قتله؛ مما يجعل مضغه أسهل بكثير ويحسن طعمه. لكن كيف يشعل المرء نارا بنفسه؟ لا بد أنه عرف بالملاحظة العرضية أن الشرارة الناتجة من تقشير الأشياء يمكنها إشعال العيدان الجافة والنباتات الأخرى. هذا الفعل الواحد المتمثل في إشعال النار عن عمد يعد إحدى الصفات المميزة للإنسان؛ فلم يشعل أي شمبانزي نارا على الإطلاق. ومع تجول مجموعات من الهومو إلى نقطة أبعد في شمال أوراسيا، لا بد أن الحرارة الناتجة عن ألسنة النار في مدخل الكهف أصبحت إضافة مرحبا بها للغاية لجلود الحيوانات التي تعلموا وضعها على أجسامهم؛ فقد يكون تشوكوتيان في شمال شرق الصين مكانا باردا في الشتاء.
لم يتبع تجول الهومو طريقا واحدا مثل الحيوانات المهاجرة؛ فقد كانت الهجرة تحدث على صورة توسعات، تماما مثل التموجات الدائرية التي تنتج عن قذف حجر في بركة من الماء؛ إذ تتحرك نحو الخارج بالتدريج، ومثل الأمواج في البحيرة، كان كل توسع يتبعه توسع آخر، رغم أن هذا يحدث على مدى نطاق زمني يقدر بآلاف السنوات. وعند انتقال مجموعة إلى أرض جديدة، قد تظل بها لقرون أو أكثر. ثم ربما لأن أفراد المجتمع استنفدوا التوت والفواكه الموجودة على الشجيرات والأشجار في المنطقة المجاورة، وسعوا حدود بحثهم عن الطعام قليلا. كما رأينا في الفصل السابق، أضاف الهومو التهام الحيوانات النافقة، ثم الصيد فيما بعد، إلى مجرد اقتيات النباتات الموجودة حوله. كان هؤلاء الناس صيادين وجامعين للنباتات، فلم تظهر الزراعة حتى عصر الهولوسين منذ 10 آلاف سنة. ربما هددت التغيرات المناخية مصدرهم من المياه فانتقلت المجموعة، أو ربما كان خطر المفترسات أقل في منطقة أخرى. يوجد سبب آخر للتوسع في مناطق جديدة؛ ففي جميع أنحاء المملكة الحيوانية يوجد صراع لا نهائي بين قائد المجموعة - الذي يكون بوجه عام الذكر الأقوى والأكثر عدوانية - والأعضاء الشباب الجدد. إذا فاز أحد المتنافسين في المعركة على الهيمنة على المجموعة، فإنه يتولى القيادة، لكن إذا خسر؟ على الأرجح تكون النتيجة، من الحشرات إلى الثدييات، ترك هذا الفرد للمجموعة. على الأرجح نجد الأطفال والشباب يتجولون وراء نطاق حدود المجموعة. إن مثل هؤلاء المهاجرين هم الذين يعملون على توسيع مناطق تواجد النوع. وكما وصف عالم الأحياء الأمريكي إدوارد ويلسون الأمر قائلا: «على الأرجح يكون هؤلاء المتجولون هم الذين يستقرون في المواطن الجديدة، ويجربون أشكالا جديدة من التكيف، ويتعلمون بسرعة أكبر، ويعدلون القدرة الثقافية للنوع عن طريق التمثل الجيني.»
2
إذا انطبق هذا النوع من الهجرة إلى الخارج على الهومو الأول، فمن شأنه أن يقدم تفسيرا لتوسعه.
انتشر المهاجرون بالتدريج في جميع أنحاء أفريقيا؛ فتوجد بقايا للإنسان المنتصب في ترنيفين في الجزائر، وفي سوارتكرانس في جنوب أفريقيا، لكن كيف توسعوا في الشمال الشرقي داخل أوراسيا؟ بالتأكيد لم يكن لديهم مراكب؛ فبناء المراكب يتطلب معرفة فنية أكبر بكثير من تلك التي كانت موجودة لدى الهومو الأوائل، والإجابة عن هذا أنهم لم يكونوا يحتاجون إلى مراكب؛ فقد جف حوض البحر المتوسط إلى حد كبير خلال العصر الجليدي في هذا الوقت. فعندما تتجمد المياه في القطب الشمالي، يعمل لوح الجليد الذي يتكون فعليا على حجز كثير من المياه الموجودة على سطح الأرض، فيقل منسوب المياه في كل مكان آخر. تظهر العصور الجليدية وتختفي لأن مدار الأرض حول الشمس ليس ثابتا؛
3
ونتيجة لهذا تبرد الأرض أو ترتفع درجة حرارتها على مدى آلاف السنوات. تمثل درجة حرارة نصف الكرة الأرضية الشمالي خلال فصول الصيف المتعاقبة عاملا ذا أهمية بالغة في ضبط مستوى المحيطات. لم يمتلئ البحر المتوسط بالمياه مرة أخرى إلا منذ نحو 450 ألف سنة مضت، في الوقت الذي كان الإنسان المنتصب وصل فيه بعيدا حتى الشواطئ الشرقية لقارة آسيا؛ فقد عثر على بقاياه في العبيدية في إسرائيل (تحدد تاريخها بنحو 1,4 مليون سنة مضت)، وفي جورجيا (جمجمة تحدد تاريخها بنحو 1,75 مليون سنة مضت؛ مما يجعلها أقدم عينة يعثر عليها خارج أفريقيا)، وفي منطقة تقع بين بحر قزوين وبحر آرال، وفي نارمادا في الهند (ربما ترجع إلى 500 ألف سنة مضت) وفي تشوكوتيان ولانتيان في شمال شرق الصين (إنسان بكين يرجع إلى 500 ألف سنة مضت)، وفي جاوة على طول نهر سولو في ترينيل (إنسان جاوة، من 500 ألف إلى 750 ألف سنة مضت)، وفي سانجيران وموجوكرتو (يقال إنها ترجع إلى أكثر من مليون سنة). في هذا الوقت كان جنوب شرق آسيا كتلة كبيرة واحدة من الأرض. وفي اتجاه الغرب توغل حتى بوكسجروف في شمالي إنجلترا (منذ 500 ألف سنة، في الفترة التي كانت فيها بريطانيا ما تزال مرتبطة بأوروبا)، بينما عثر على بقايا أخرى في بيلتسينجس ليبن في ألمانيا (عمرها 400 ألف سنة) وفي سيبرانو في إيطاليا (عمرها من 800 ألف إلى 700 ألف سنة).
كانت الوظائف المخية للهومو منذ مليون سنة لا تزال محدودة؛ فقد استخدم النار والأدوات، لكن على الأرجح لم يكن يتواصل إلا عبر النخير والصيحات، إلا أنه حتى مثل هذه الأصوات البدائية يمكن إصدارها بطرق مختلفة للإشارة إلى سيناريوهات بيئية متنوعة؛ فتصدر قرود الفرفت الشائعة في جميع أنحاء أفريقيا صيحة تحذير مختلفة عند رؤيتها لفهد أو نسر أو ثعبان؛ فيتعرف رفاقها على الصوت ويتخذون الإجراء المناسب. نحن نعرف هذا لأن المتخصصين في علم الحيوان سجلوا صيحات مجموعة منها وأعادوا تشغيلها، دون أن يراهم أحد، لمجموعة أخرى؛ عند سماع الصوت الذي يحذر من فهد ستتسلق المجموعة الأخرى إحدى الأشجار، وعند سماع صوت التحذير من نسر تحاول الاختباء بين الشجيرات، وعند سماع صوت التحذير من ثعبان تقف منتصبة حتى تستطيع رؤية العدو على نحو أفضل بين العشب على الأرض. ومع ذلك ربما لم يكن يحدث إلا نقاش طفيف بين مجموعة الهومو حول وقت تحركهم، وفي أي اتجاه، وبدلا من ذلك كانوا يتبعون قائدهم، فيكون لكل مجتمع أو مجموعة قائد، وبين مجموعات القرود الحديثة يكون بوجه عام الذكر الألفا هو المهيمن، رغم أن قرار وقت التحرك تتخذه أنثى دوما. وفي حالة الهومو الأوائل لا نعرف إلى أي مدى كان التوسع في مناطق جديدة نتيجة تأثير الذكور أو الإناث. على أيه حال، كما ذكرنا سابقا، ربما كانت الهجرة بفعل الخاسرين في المنافسات على القيادة.
أيا كان ما سعى المهاجرون وراءه، فإنهم ذهبوا بعيدا للغاية عن موطنهم أكثر من أي نوع آخر من الرئيسيات في هذا الوقت، أو منذ ذلك الحين. ونظرا لعدم العثور على بقايا من هياكل عظمية لأسلاف الشمبانزي الحالي، داخل أفريقيا أو خارجها، لا يمكننا قطعا أن نقول إن مثل هذه الرحلات لم تحدث؛ فكل ما نستطيع قوله إنها إن حدثت، فإنها لم تكن ناجحة. أنا أتكلم هنا عن وقائع حديثة نسبيا؛ فعلى مدى ملايين السنين، التي تقلبت خلالها الظروف المناخية، انتقلت كثير من الحيوانات من موقع إلى آخر ثم ظلت في موطنها الجديد. كما أن حركة القارات عبر التحرك التكتوني الذي فصل بالتدريج كتلة الأرض الشمالية (أمريكا الشمالية وأرواسيا) عن الكتلة الجنوبية (أمريكا الجنوبية وأفريقيا والهند وأستراليا والقارة القطبية الجنوبية) منذ نحو 135 مليون سنة، وأعقبه اندماج الهند مع آسيا بعد 70 مليون سنة، يعني أن كثيرا من الحيوانات والنباتات صارت منفصلة ؛ ونتيجة لهذا ظهرت أنواع مختلفة في أماكن مختلفة. كانت السعالي أحد الأمثلة على هذا؛ فتختلف القرود في أمريكا الجنوبية (سعادين العالم الجديد، ذات الأنف المفلطح) عن قرود العالم القديم الموجودة في أفريقيا وآسيا (النسناسيات نازلة الأنف، ذات الأنف البارز). وتمثل الفيلة مثالا آخر؛ فيتميز الفيل الهندي عن فيل الأدغال الأفريقية بأنه أصغر حجما، ولا توجد أنياب لدى الإناث. بالطبع يجب ألا يكون الانفصال الجغرافي فادحا مثل الموجود بين القارات؛ فيعيش النوعان الحاليان من الشمبانزي (الشمبانزي الشائع والبونوبو) معا في وسط أفريقيا، كما تعيش أنواع مختلفة من السلاحف وطيور البرقش، كما أشار داروين، على جزر جالاباجوس المختلفة. كل المطلوب من أجل ظهور نوع جديد من الحيوانات (أو النباتات أيضا) هو ألا توجد فرصة لديه للتزاوج مع أحفاد آخرين لأسلافه. ما أريد توضيحه أن عمليات التجول التي قام بها الهومو لم تكن غير مألوفة لدى الحيوانات، فكان الأمر المميز في الإنسان الأول هو توسعه المتعمد خارج مناخ مناسب ودافئ إلى مناخ أقل من هذا؛ فقد سعى إلى التكيف مع الظروف الأكثر برودة بمجرد وصوله إلى وسط آسيا وأوروبا بفضل براعته، وتعطشه للسعي المستمر.
Неизвестная страница