Драгоценности толкований
جواهر التفسير
Жанры
[المنافقون: 1 - 2]، وقوله في سورة المجادلة:
اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين
[المجادلة: 16]، فإن ذلك كله يفيد اتصافهم بالكذب ووعيدهم عليه دون التكذيب.
ولا زلت أستغرب من جرأة ابن جرير على انتقاد ما تواتر من القراءات كأنها مجرد آراء لأصحابها، وليست روايات متواترة النقل عن المعصوم، على أن ابن جرير من أولي الخبرة في الروايات وما يتصل بها، فكيف سمحت له نفسه أن يخطىء قراءة ثبت نقلها بالتواتر عن إمام الهداة وأفصح العرب وأعلم الخلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ما احتج به صالحا للاستناد عليه؟!
أما ما قاله من أن قراءة التثقيل لا تقتضي الوعيد إلا على التكذيب دون الكذب، فما هو إلا وهم اصطبغ به ذهنه فحال بينه وبين درك المراد، فإن الوعيد على الشيء لا يعني عدم الوعيد على غيره، والمنافقون متلبسون بالكذب والتكذيب، فلا غرو إذا توعدوا على الكذب تارة، وعلى التكذيب أخرى، وليس في وعيدهم على أحد الأمرين ما ينافي الوعيد على الآخر، وأنت إذا تدبرت لم تجد فارقا معنويا بين كذبهم وتكذيبهم، فإن دعواهم الايمان بألسنتهم محض كذب وخلو قلوبهم منه هو عين التكذيب بما يجب الايمان به.
وأما ما ذكره من اقتضاء السياق وعيدهم على الكذب الذي سبق ذكره لا على التكذيب الذي لم يكن له ذكر، وتعزيز ذلك بأن المنافقين وصفوا بالكذب وتوعدوا عليه في سائر السور، فهو مدفوع بما علمت من أن كذبهم ينطوي على التكذيب، كيف والايمان نفسه أهم عناصر التصديق، بل هو حقيقته اللغوية؟ فقوله سبحانه { وما هم بمؤمنين } ، يفيد أنهم من المكذبين، وكذلك رده عليهم في سورة المنافقون ما حكاه عنهم من قولهم { نشهد إنك لرسول الله } ، بقوله: { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } ، يفيد أنهم مكذبون بالرسول صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه، فأي غرابة مع ذلك إذا توعدوا على التكذيب .
وجوز الزمخشري أن يكون المشدد دالا على ما يدل عليه المخفف مع المبالغة، كما يقال بين الشيء بمعنى بان، وصدق بمعنى صدق، وموتت الإبل بمعنى ماتت، كما جوز أن يكون من كذب الوحش إذا جرى ووقف لينظر ما وراءه، وتلك حالة المتحير كما هو شأن المنافق الذي دل عليه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عند مسلم والنسائي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة "
، وزاد النسائي
" لا تدري أيهما تتبع "
Неизвестная страница