والله الملهم للصواب، أن للمسلمين في المسألة قولين : ذهب بعضهم أنه يتيمم ويصلي، وآخرون إلى أنه يشتغل بالوضوء وإن فات الوقت .
منشأ الخلاف هل العلة التي أوجبت التيمم عدم وجود الماء في الوقت أو خوف فوات الأداء ؟ فمن علل بالأول منع التيمم مع وجود الماء وإن فات الوقت، ومن ذهب إلى الثاني أوجبه عند خوف الفوات .
وهذا هو الراجح عندنا لوجهين :
أحدهما : أن العلة الأولى عدمية وقد اختلف في جواز تعليل الوجودي بالعدمي، والعلة الثانية وجودية لا خلاف بجواز التعليل بها .
وثانيهما : أن الحكمة في وجوب التيمم عند عدم الماء المحافظة على الأداء وهي موجودة على التعليل الثاني ملازمة له، وقد تتخلف على التعليل الأول .
لا يقال : إن هذا التعليل الراجح عندك قد خالف ظاهر الكتاب فإن ظاهره التعليل بعدم الوجود لقوله { فإن لم تجدوا ماء فتيمموا } (¬1) لأنا نقول أن دلالة الآية على هذا التعليل وإن كانت دلالة اشارة فإن سياق الآية مقصود به المحافظة على الصلاة بدليل وجوبه أيضا على المريض الواجد للماء، ودلالتها على ما قصدت به دلالة عبارة وهي أولى من دلالة الإشارة .
Страница 89