(الثقة دون الحجة)
وقول يحيى بن معين في محمد بن إسحاق: ثقة وليس بحجة،
يشبه أن يكون هذا رأيه في أن الثقة دون الحجة، وهوخلاف المحكي
عنهم في ذلك (١) .
_________
(ا) قلت: عبارات المحدثين النقاد التي نراها في كتب الرجال، تشهد بأن
(الحجة) فوق (الثقة)، من حيث التوثيق به، ومن حيث وصفهم للحفاظ الكبار بلفظ
(الحجة) . وكذلك التداول العام للفظ (الحجة) يدل على أنه فوق (الثقة) . وسأورد
من كلامهم بعض النصوص والشواهد على ذلك.
فقول الحافظ المنذري رحمه الله تعالى هنا: (يشبه أن يكون رأي ابن معين
أن الثقة دون الحجة، وهوخلاف المحكى عنهم في ذلك): غريب لم أقف على
ما يؤيده، بل الذي وقفت عليه خلافه، والله أعلم.
وأورد عن ابن معين رحمه الله تعالى تفسير ما يعنيه بالحجة، ثم أورد بعض
نصوص المحدثين وعباراتهم، الدالة على أن (الحجة) فوق (الثقة)، مما حضرني
الأن. ففي "تهذيب التهذيب " ٩: ٤٤، في ترجمة (محمد بن إسحاق المدني)،
الذي هوموضوع المسألة: "قال ابن معين: محمد بن إسحاق ثقة وليس بحجة. قال
أبوزرعة الدمشقي: قلت لابن معين وذكرت له: الحجة محمد بن إسحاق، فقال:
كان ثقة، إنما الحجة مالك وعبيد الله بن عمر". انتهى.
وبهذا يتبين المعنى بالحجة عند ابن معين، وهومحل اتفاق أن يوصف
بما فوق الثقة، وما أظن أحدا يخالف ابن معين في ترفيع (مالك) و(عبيد الله بن
عمر) على (محمد بن إسحاق) ٠ أما النصوص والعبارات الدالة على ذلك فاليك:
ا - قال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ " ٣: ٩٧٩، في ترجمة (المفيد
محدث جرجرايا أبي بكر محمد بن أحمد): "الحافظ أعلى من المفيد في العرف،
كما أن الحجة فوق الثقة". انتهى. والذهبي -كما قال الحافظ ابن حجر فيه - من =
1 / 56