جواب
في الحلف بغير الله والصلاة إلى القبور
لشيخ الإسلام أبي العباس
أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني
رحمه الله تعالى
ويليه
فصل في الاستغاثة
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد..
تم الاعتماد في تحقيق هذه الرسالة على مخطوط من مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض، ضمن مجموع لرسائل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى برقم (٢٢٦٣)، تبدأ من لوحة (١٠٩) إلى لوحة (١١١) . ولم أعثر على ذكر لهذ الرسالة ضمن مطبوعات لشيخ الإسلام.
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اعتنى به
فواز محمد أحمد العوضي
١٠/٥/١٤٣١هـ
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإنكم سألتم عن مسائل، وقد كتبت فيها ما يسر الله تعالى:
أما الحلف بغير الله: فقد صحّت عن النبي ﷺ الأحاديث بالنهي عنه والتغليظ فيه.
فروى ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ سمع عمر وهو يحلف بأبيه فقال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت» . أخرجه البخاري (١) ومسلم (٢) في الصحيحين.
_________
(١) رقم (٦١٠٨) .
(٢) رقم (٤٢٥٧) .
1 / 3
وفي رواية لمسلم (١) عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» . قال عمر: فوالله ما حلفت منذ سمعت رسول الله ﷺ.
وعن عمر ﵁ أنه قال: لا وأبي. فقال رسول الله ﷺ: «مه! فإنه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك» . رواه الإمام أحمد في مسنده (٢) .
وعن ابن عمر أنه سمع رجلًا يقول: لا والكعبة. فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» . رواه الترمذي (٣)، وقال: حديث حسن.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم
_________
(١) رقم (٤٢٥٤) .
(٢) رقم (٣٢٩)، وإسناده صحيح.
(٣) رقم (١٥٣٥)، صححه الحاكم وابن الملقن كما في «البدر المنير» (٩/٤٥٨) والألباني في «سنن الترمذي» .
1 / 4
ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون» . رواه النسائي (١) .
وعن قتيلة بنت صيفي الجهنية: أن يهوديًّا أتى النبي ﷺ فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون؛ تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي ﷺ إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»، ويقول أحدهم: «ما شاء الله ثم شئت» . رواه الإمام أحمد (٢) .
وللنسائي (٣): وقال رجل للنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت. فقال: «أجعلتني لله ندًّا (٤)؟! بل ما شاء الله وحده» .
_________
(١) رقم (٣٨٠٠)، وصححه الألباني.
(٢) رقم (٢٧٠٩٣)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١٣٦) .
(٣) «السنن الكبرى» (١٠٧٥٩)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١٣٩) .
(٤) الند: هو مثل الشيء الذي يضاده في أموره، ويناده أي يخالفه، ويريد بها ما كانوا يتخذونه آلهة من دون الله. «النهاية في غريب الأثر» (٥/٣٤)
1 / 5
وقد اتفق العلماء -فيما نعلم- من الصحابة والتابعين والأئمة على كراهة الحلف بغير الله، والنهي عنه، وأن اليمين لا تنعقد، ولا يجب فيه كفارة إذا حنث. إلا أنهم اختلفوا فيما إذا حلف برسول الله ﷺ خاصة.
ثم من أصحاب الأئمة من قال: يكره الحلف بغير الله تنزيهًا ولا يحرم. وقطع الباقون بأنه حرام، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي ﷺ أخبر أن الله ينهانا عنه، وما نهانا الله عنه فهو حرام، إلا أن يقوم دليل على أنه تنزيه، وأخبر أن هذا شرك وكفر، وكل ما سمي كفرًا وشركًا فأقل درجاته أن يكون حرامًا.
وإنما سماه شركًا؛ لأن الحلف بغير الله إنما يكون بالمعبود، فمن حلف بغير الله فقد جعل لله ندًّا. فإن فعل هذا معتقدًا لعبادته فهو كافر، وإن لم يكن معتقدًا فهو مشرك في القول دون الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة، كما قالوا: شرك دون شرك. وقوله [صلى الله
1 / 6
عليه وسلم]: «الرياء شرك» (١) . وفي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠] .
ويدخل في هذا أن يقول الرجل: وحياتي أو وحياتك أو وحياة فلان، أو وتربة فلان أو وتربة (٢) أبي أو وتربة أبيك أو وتربة الشيخ فلان، أو ونعمة السلطان، أو وحياة (٣) رأس السلطان أو وحياة رأسك، أو وحق سيفي، أو وحياة الفتوة، أو وحق أبي، أو وحرمتك عند الله أو حرمة الشيخ فلان عند الله، أو وحق الكعبة، وكل ما كان من هذا بما يحلف به جفاة الناس على وجه التعظيم. فمن حلف بشيء من هذه الأيمان فقد عصى الله ورسوله في قوله: «من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله» (٤) . ودخل
_________
(١) ثبت مرفوعًا من حديث شداد بن أوس وغيره: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء ...» . أخرجه أحمد (٥/٤٢٨) والبيهقي في «الشعب» (٦٤١٢)، وحسن إسناده ابن حجر في «بلوغ المرام» (١٢٧٧) وصححه الألباني في «الصحيحة» (٩٥١) .
(٢) في الأصل بدون واو.
(٣) في الأصل بدون واو.
(٤) أخرجه البخاري (٣٨٣٦) ومسلم (٤٢٥٩) .
1 / 7
في قوله: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك» (١) . حتى قال عبد الله بن مسعود ﵁، وهو من أكابر أصحاب رسول الله ﷺ: لأن أحلف بالله وأنا كاذب أحب إليّ من أن أحلف بغيره وأنا صادق. رواه حرب الكرماني بإسناد جيد (٢) .
وقال القاسم بن مخيمرة: ما أبالي بحياة رجل حلفت أو بالصليب. رواه سعيد بن منصور (٣) . فهذا بين القاسم أن الحلف بغير الله بمنزلة الحلف بالطواغيت؛ مثل الصليب ونحوه.
ولهذا قال عبد الله بن مسعود: لأن أحلف بالله وأنا كاذب أحب إلي من أن أحلف بغيره وأنا صادق. لأنه إذا حلف بغير الله فقد أشرك، وإن كان ليس هو الشرك الأكبر فإنه أعظم إثمًا من الكذب، وإذا حلف كاذبًا فعليه إثم كذبه لكنه موحد في حلفه بالله. والمصيبة الكبيرة مع التوحيد خير من حسنة مع شرك.
_________
(١) تقدم تخريجه من حديث عمر ﵁.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨/٤٦٩) رقم (١٥٩٢٩) وابن ابي شيبة (٥/٢٩) رقم (١٢٤٠٢) والطبراني في «الكبير» (٩/١٨٣) .
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/٢٩) رقم (١٢٤٠٧) .
1 / 8
فصل
وأما الصلاة عند القبور، والصلاة إليها، أو اتخاذ المساجد على القبور، أو إيقاد المصابيح عليها: فقد صح عن النبي ﷺ وعن أصحابه وغيرهم من الأئمة في ذلك النهي والتغليظ ولعنة من يفعل ذلك وذِكْر أنهم شِرار الخلق، ما قد استفاض بل تواتر عن أهل العلم بسننه، وإن كان كثير (١) من الناس لا يعلمون ذلك.
فروى جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله ﷺ قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» . رواه مسلم في صحيحه (٢) .
_________
(١) في الأصل: كثيرًا.
(٢) رقم (١١٨٨) .
1 / 9
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» . قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا. أخرجه البخاري (١) .
وعنها أيضًا قالت: لما اشتكى رسول الله ﷺ ذكرت بعض نسائه كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية، وكانت أم سلمة وأم حبيبة ﵄ أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير [فيها] (٢)، فرفع رأسه فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا ثم صوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق يوم القيامة» . أخرجاه في الصحيحين (٣) .
_________
(١) رقم (١٣٣٠) .
(٢) زيادة من «صحيح البخاري» (١٣٤١) .
(٣) البخاري (٤٣٤)، (١٣٤١) ومسلم (١١٨١) .
1 / 10
وعن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» . أخرجاه (١) .
وعن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ لما نزل به قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» . أخرجاه في الصحيحين (٢) .
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله ﷺ: «لعن الله زوّارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» . رواه الإمام أحمد (٣)، وأبو داود (٤)، والنسائي (٥)،
_________
(١) البخاري (٤٣٧) ومسلم (١١٨٥) .
(٢) البخاري (١٣٣٠) ومسلم (١١٨٧) .
(٣) رقم (٢٠٣٠)
(٤) رقم (٣٢٣٦)
(٥) رقم (٢٠٤٣)
1 / 11
والترمذي (١) وقال: حديث حسن (٢) .
وعن ابن مسعود ﵁ عن النبي ﷺ قال: «مِن شِرار الخلق مَن تدركهم الساعة وهم أحياء، ومَن يتخذ القبور مساجد»، وفي لفظ: «والذين يتخذون القبور مساجد» . رواه الإمام أحمد (٣) بإسناد صحيح.
_________
(١) رقم (٣٢٠)
(٢) حسنه البغوي في «شرح السنة» (٢/٤١٧)، وابن كثير في «إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه» (١/٢٣٩) وقال: ولا شك أن هذا الحديث حسن يحتج به لتعدد طرقه، وإن كان في كل منها ضعف يسير. وقواه ابن دقيق العيد كما شرط ذلك في مقدمة كتابه «الإلمام بأحاديث الأحكام» (٥٧٤)، وابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» وتكلم بكلام مفصل في راوي الحديث فلينظر (٥/٥٦٣)، وأحمد شاكر في تخريجه لـ «مسند الإمام أحمد» (٢٠٣٠) وقال في تخريجه لـ «سنن الترمذي» (٣٢٠): فهذا الحديث على أقل حالاته حسن، ثم الشواهد التي ذكرناها في تأييده ترفعه إلى درجة الصحة لغيره، إن لم يكن صحيحًا بصحة إسناده هذا.
(٣) رقم (٣٨٤٤) واللفظ الآخر برقم (٤٣٤٢) .
1 / 12
فقد نهى رسول الله ﷺ قبل موته بخمس أن يتخذوا القبور مساجد، وبيّن أن الذين كانوا قبلنا كانوا يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وأنه هو ﷺ نهانا أن نتخذ القبور مساجد؛ لئلا يعتقد أحد أن هذا مما يقتدى بهم فيه، فإن الله أخبر عنهم بذلك في قوله: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: ٢١] .
ثم إنه ﷺ وقت لقاء ربه لعن الكتابيين الذين اتخذوا القبور مساجد؛ ليعتبر بذلك ولا يتخذ قبره ولا قبر غيره مسجدًا. ولهذا لما قبضه الله إلى كرامته دفن في بيته ولم يبرز قبره؛ لئلا يقصده الناس للصلاة عنده ويتخذوه مسجدًا، فإنه قد جاء عنه أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد» (١) . وقال: «لا تتخذوا قبري [عيدًا،
_________
(١) أخرجه أحمد (٧٣٥٨)، صححه الألباني في كتابه «تحذير الساجد» (١٨) . وجاء عند عبد الرزاق (١٥٩١٦) بلفظ: «اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنًا ومنبري عيدًا» .
1 / 13
ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا]، وصلوا عليّ حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» (١) .
وكانت حجرة عائشة ﵂ خارجة عن مسجده، فلما كان في زمان الوليد بن عبد الملك اشترى حجر أزواج النبي ﷺ من قِبْلِيِّ المسجد ومن شرقيِّه، وهدّها وزادها في المسجد. وسد حجرة عائشة، وبنى عليها حائطًا بعد حائط، وحرّف حائطها عن القبلة، وجعل مؤخرها مسنّمًا؛ كل ذلك لئلا يصلَّى فيها ولا إليها. ومع هذا، لقد أنكر سعيد بن المسيب وغيره على الوليد في هدم الحجر وإدخالها في المسجد.
ثم إنه ﷺ نهى عن الصلاة عند القبور وإليها. فعن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تصلّوا إلى القبور، ولا تجلسوا
_________
(١) أخرجه أحمد (١٤/٤٠٣) وأبو داود (٢٠٤٢) من حديث أبي هريرة ﵁. صححه النووي في «رياض الصالحين» (١٤٠١) والألباني في «سنن أبي داود» . وما بين المعقوفتين زيادة من «مسند الإمام أحمد» .
1 / 14
عليها» . رواه مسلم (١) في صحيحه، وغيره.
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمّام» . رواه الإمام أحمد (٢)، وأبوداود (٣)، والترمذي (٤)، وابن ماجه (٥)، وإسناده جيد.
وروى الترمذي (٦) وابن ماجه (٧) وغيرهما عن النبي ﷺ أنه قال: «سبع مواطن لا تجوز الصلاة فيها ...»، وذكر منها «المقبرة» .
فهذا بعض ما روي عن النبي ﷺ. وأما ما جاء عن الصحابة والتابعين وسائر أئمة المؤمنين فكثير، فنذكر بعضه:
_________
(١) رقم (٢٢٥١) .
(٢) رقم (١١٧٨٨) .
(٣) رقم (٤٩٢) .
(٤) رقم (٣١٧) .
(٥) رقم (٧٤٥) .
(٦) رقم (٣٤٦) .
(٧) رقم (٧٤٦) .
1 / 15
قال البخاري في صحيحه: رأى عمر أنسًا يصلي عند قبر، فقال: القبر القبر. قال: فتنحيت عن القبر (١) .
وقال علي بن أبي طالب: لا يصلى في حمّام ولا عند قبر. ذكره أبو عبد الله ابن حامد (٢) .
وعن علي بن أبي طالب أيضًا موقوفًا ومرفوعًا قال: شِرار الناس من يتخذ القبور مساجد. رواه عبد الرزاق (٣) .
وعن ابن عمر وابن عباس كراهة الصلاة عند المقبرة (٤) .
وعن زيد بن ثابت أنه مات له ابن، وأن جارية لهم وغلامًا اشترى جصًّا وآجُرًّا، فقال زيد: ما تريد إلى هذا؟ قال: أريد أن أجصّص قبره، وأن أبني عنده مسجدًا.
_________
(١) ذكره البخاري تعليقًا من كتاب الصلاة (باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد) . ووصله عبد الرزاق (١/٤٠٤) وابن أبي شيبة (٣/٣٧٢)، وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣/٣٧٤) .
(٣) (١/٤٠٥) .
(٤) رواية ابن عباس أخرجها عبد الرزاق (١/٤٠٥) .
1 / 16
فقال: حقرت ونقرت (١)، لا تقرب شيئًا مسّته النار. ونهاه أن يبنيَ عنده مسجدًا (٢) . رواه حرب الكرماني.
والأحاديث في هذا كثيرة. وقد نهى ﷺ عن تشريف القبور والبناء عليها، وأمر بتسويتها (٣) .
وعن علي بن أبي طالب عن أبي هياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ؟ أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته، ولا تمثالًا إلا طمسته. رواه الإمام أحمد (٤)، ومسلم في صحيحه (٥)، وغيرهما. وفي رواية لأحمد (٦) عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله ﷺ في جنازة فقال: «أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنًا إلا كسره، ولا قبرًا إلا سواه، ولا صورة إلا
_________
(١) عند ابن أبي شيبة: (جفوت ولغوت) .
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/٥٥٤) من أثر الصحابي زيد بن أرقم.
(٣) انظر صحيح مسلم (٢٢٤٢)، (٢٢٤٥) .
(٤) رقم (٧٤١) .
(٥) رقم (٢٢٤٣) .
(٦) رقم (٦٥٧) .
1 / 17
لطخها؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله. قال: فانطلق ثم رجع، فقال: يا رسول الله لم أدع بها وثنًا إلا كسرته، ولا قبرًا إلا سويته، ولا صورة إلا لطختها. ثم قال رسول الله ﷺ: «من عاد لصنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد» .
وعن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ نهى أن يبنى على القبور. رواه مسلم (١) في صحيحه.
وقد كان النبي ﷺ أولًا نهى عن زيارة القبور، ثم إنه أذن في ذلك وعلّمهم ما يقولون.
وعن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول الله ﷺ يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا بكم إن شاء الله لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» (٢) . وكان ﷺ إذا زار أهل البقيع أو غيره
_________
(١) رقم (٢٢٤٥) .
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٥٧) .
1 / 18
يقول هذا. وفي رواية (١): «اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنّا بعدهم» . وفي رواية (٢): «يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» .
فهذا ونحوه يتضمن السلام عليهم والدعاء لهم وللزائر معهم، هو الذي علّمه أصحابه وهو الذي جاءت به السنة. والله أعلم.
من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والمسلمين
سبحانك ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين
رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين يا الله
_________
(١) أخرجه أحمد (٢٤٤٢٥) وابن ماجه (١٥٤٦)، ضعف الألباني هذه اللفظة.
(٢) أخرجه الترمذي (١٠٥٣)، ضعفه الألباني.
1 / 19
الفصل التالي ضمن مجموع رسائل وفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى موجود في المكتبة الظاهرية، ولدى جامعة الكويت صورة عنه تحت رقم (٦٥٢٧)، من ص (٢٨١-٢٨٢) . فيه كلام عن التوحيد والنهي عن الاستغاثة بغير الله، وهذا الفصل جزء من «مسألة السماع» كما هو في المخطوط. و«مسألة السماع» هذه قد طبعت ضمن «مجموع الفتاوى» (١١/٥٨٧)، إلا أن هذا الفصل لم يطبع معها، ولم يطبع في مكان آخر سواء كان في «مجموع الفتاوى» أو في غيره -بحسب اطلاعي-. وإنما ورد ملخصًا في «مختصر الفتاوى المصرية» (ص٥٩٦)، فقارنت بينه وبين المخطوط، واستدركت بعض السقط من المطبوع.
تنبيه: ما بين المعقوفين زيادة من «مختصر الفتاوى المصرية» .
1 / 20