قال: "بينما النبي ﷺ يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي ﷺ وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ ١٢") الآية- الحديث، وكان رفيقه وأنيسه، وصاحبه في الغار وسفر الهجرة. كما اتفق عليه الموافق والمخالف.
(الخامس): قوله: حتى أحجم أصحاب أخيه ﷺ ... ثم ذكر قصة قتل علي ﵁ عمرو بن عبد ود.
(فيقال): قوله: إن الصحابة أحجموا عن عمرو كذب ظاهر، وأما كون علي ﵁ هو الذي قتله فأمر مشهور، وذلك لا يقتضي فضله على من سواه.
وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال يوم الخندق: "من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. فقال النبي ﷺ: إن لكل نبي حواري، وإن حواريّي الزبير""٣. وفي رواية: "إن رسول الله ﷺ ندب الناس فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، فقال النبي ﷺ إن لكل نبي حواري وإن حواريّي الزبير"٤، فالسابقون الأولون قد ورد لهم من الفضائل; والخصائص مثل ما ورد لعلي.
(الوجه السادس): قوله: "حتى ردت راية رسول الله ﷺ ... حتى قال: لأبعثن بالراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله".
فيقال: قد ثبت أن رسول الله ﷺ قال هذا لغيره من الصحابة، وليست من خصائصه، بل هي فضيلة شاركه فيها غيره، بخلاف ما ثبت من فضائل أبي بكر وعمر؛ فإن كثيرا منها خصائص لهما لا سيما فضائل أبي بكر، فإن عامتها خصائص لم يشركه فيها غيره، كما ثبت في الصحيح عنه ﷺ أنه قال: "إن أَمَنَّ الناس علَيّ في صحبته وذات يده: أبو بكر"٥ وقال: "ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر" ٦.
(الوجه السابع): احتجاجه بحديث: "أنت مني بمنْزلة هارون من موسى"٧، تقدم الجواب عليه في كلام ابن حزم بما يكفي