Эмоциональная сторона ислама
الجانب العاطفي من الإسلام
Жанры
وشدة العذاب كفاء لخباثة الجحود!. وماذا على الناس إذا مرحوا فى نعمة الله أن يطووا ضمائرهم على عرفان الجميل والاعتراف بالفضل، وأن يقولوا لله المنعم: نشكرك. أهذا كثير أم هذا ثقيل؟؟. إن الله قص علينا قصة سبأ لنعرف منها عقبى الكنود، وكيف أنها كانت زاهرة ثم صارت خرابا أتى على ما سبق من سعة ورفاهية. (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) . والشكر شعور فى النفس قبل أن يكون حركة لسان، وقد وضع الإسلام صورا ورسم طرقا للترجمة عن هذا الشعور المكنون... ونحن واجدون فى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مظاهر الشكر وآيات الحمد لله رب العالمين، ما يثير الدهشة، وما يسرى فى القلوب شوقا ورقة... كان إذا استيقظ من النوم يقول: " الحمد لله الذى رد على روحى، وعافانى فى جسدى، وأذن لى بذكره ". وكان إذا انتهى من الطعام يقول: " الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين". وكان إذا عاد من الخلاء يقول: " الحمد لله الذى أذاقنى لذته، وأبقى فى قوته، وأذهب عنى أذاه " . وكان إذا لبس ثوبا جديدا يقول: " الحمد لله الذى كسانى هذا ورزقنى إياه من غير حول منى ولا قوة ". وكان إذا عاد من سفر يقول: " آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ". وفى الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا فى الدعاء؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن 184 عبادتك ". وكان من دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : " رب أعنى ولا تعن على، وانصرنى ولا تنصر على، وامكر لى ولا تمكر على، وأهدنى ويسر الهدى لى، انصرنى على من بغى على. رب اجعلنى لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أواها منيبا. رب تقبل توبتى، واغسل حوبتى وأجب دعوتى، وثبت حجتى، وسدد لسانى، واهد قلبى، واسلل سخيمة صدرى " . وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى ترم قدماه! فقيل له أى رسول الله، أتصنع هذا، وقد جاءك من الله أن قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟. قال!: أفلا أكون عبدا شكورا " . وفى رواية عن عائشة رضى الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه. فقلت له: لم تصنع هذا؟ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟. قال!: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا " . وعن أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " التأنى من الله، والعجلة من الشيطان، وما أحد أكثر معاذير من الله، وما شىء أحب إلى الله من الحمد " . إن هذا الشعور العميق بفضل الله، والإحساس الواضح بنعمته والرغبة الحارة فى إكباره وإجلاله والاعتراف بخيره، إن هذا كله انتقل من فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أفئدة صحبه، فهم يتبارون فى تحية ربهم وحمده وقدره حق قدره. عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال أبى بن كعب: لأدخلن المسجد فلأصلين ولأحمدن الله بمحامد لم يحمده بها أحد. فلما صلى وجلس ليحمد الله ويثنى عليه، فإذا هو بصوت عال من خلفه يقول : اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله. علانيته وسره، لك الحمد، إنك على كل شىء قدير. اغفر لى ما مضى من ذنوبى، واعصمنى فيما بقى من عمرى، وارزقنى أعمالا 185 زاكية ترضى بها عنى، وتب على. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقص عليه، فقال: " ذاك جبريل عليه السلام " . وعن ابن عمر رضى الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم " أن عبدا من عباد الله قال: يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها. فصعدا إلى السماء فقالا: يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندرى كيف نكتبها. قال الله وهو أعلم بما قال عبده : ماذا قال عبدى؟. قالا: يا رب إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فقال الله لهما. اكتباها كما قال عبدى حتى يلقانى فأجزيه بها " . وعن أبى أيوب رضى الله عنه قال: " قال رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صاحب الكلمة؟. فسكت الرجل ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على شىء يكرهه. فقال رسول الله: من هو، فإنه لم يقل إلا صوابا؟. فقال الرجل: أنا قلتها يا رسول الله أبغى بها الخير. فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسى بيده، لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك: أيهم يرفعها إلى الله تبارك وتعالى " . وعن على رضى الله عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، إذا سرك أن تعبد الله ليلة حق عبادته، أو يوما، فقل: " لك الحمد حمدا كثيرا خالدا مع خلودك. ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك. ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون مشيئتك. ولك الحمد حمدا لا أجر لقائله إلا رضاك " . ماذا كان جهد أبليس بعد أن طرد من السماء؟ كان جهده أن يغرى أبناء آدم بالجحود، ونسيان ما أولاهم الله من نعم... كان جهده أن يشغلهم بفنون من الغفلة تزين لهم أن يأكلوا من رزق الله، ولا 186 يحمدوه، وأن يفتحوا عيونهم على آيات العظمة، ولا يمجدوه... إن الدواب إذا وجدت أقواتها التهمتها، ما تعى شيئا غير هذا، وإذا فقدتها أحست لذع الجوع، ما تعى شيئا غير هذا، وإذا استمتعت بالعافية جرت ووثبت، وإذا قيدها المرض استكانت وهمدت، ما تعى شيئا غير هذا... ... إنها لا تعرف صبرا على بأساء، ولا شكرا على نعماء... وكذلك يريد الشيطان من أبناء آدم أن يعيشوا على هذا النمط المنحط، لا ذكر، ولا شكر. وكذلك آلى إبليس على نفسه يوم أخرج من الجنة فقال: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) . وأسوأ ما يكون الجحود عندما يكون جماعيا تنحدر إليه أمة بأسرها. فترى كأن هناك تواصيا على ألا يذكر الله بخير!! بل ترى كأن هناك اتفاقا مكتوبا أو غير مكتوب على أن تلتهم أفضال الله، وتنسب ذلك إلى أى شىء ما عداه...!!! وهل هلكت عاد، وهلكت ثمود، إلا بهذا الخلق الدنىء؟. قيل لعاد: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) . وقيل لثمود: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) . لكن هؤلاء وأولئك لم يستشعروا فيض النعم الذى سال فى أرجاء بلادهم فحرموا ما جحدوا، وسلبوا ما غمطوا، وحقت عليهم كلمة العذاب. وقد أهاب الله بخلقه ألا يردوا هذه الموارد الوبيئة فقال: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) . ومع ذلك، فما أقل الذين يعترفون بالفضل، ويشعرون بالجميل: (وقليل من عبادي الشكور) . وإنه ليسرنا أن نثبت هنا باقة من النصوص والآثار الحافزة على الشكر، المشيعة لعواطفه فى الأفئدة نقلا عن الإمام الجليل ابن القيم رضى الله عنه. 18 ص قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا المؤمل بن اسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا حميد الطويل، عن طلق بن حبيب، عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أربع من أعطيهن فقد أعطى خير الدنيا والآخرة: قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وبدنا على البلاء صابرا، وزوجة لا تبغيه حوبا فى نفسها ولا فى ماله ". وذكر أيضا من حديث القاسم بن محمد عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها " وما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر الله له قبل أن يستغفره. وإن الرجل يشترى الثوب بالدينار فيلبسه فيحمد الله، فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له ". وقد ثبت فى صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها ". فكأن هذا الجزء العظيم الذى هو أكبر أنواع الجزاء كما قال تعالى: (ورضوان من الله أكبر) كان فى مقابلة نعمته بالحمد. وذكر ابن أبى الدنيا من حديث عبد الله بن صالح. حدثنا أبو زهير يحيى بن عطارد القرشى عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :"لا يرزق الله عبدا الشكر فيحرمه الزيادة، لأن الله تعالى يقول:(لئن شكرتم لأزيدنكم). وقال الحسن البصرى: " إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا ". ولهذا كانوا يسمون الشكر: الحافظ، لأنه يحفظ النعم الموجودة، والجالب: لأنه يجلب النعم المفقودة. وذكر ابن أبى الدنيا عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال لرجل من همذان. " إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان فى قرن، فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد ". وقال عمر بن عبد العزيز: " قيدوا نعم الله بشكر الله " وكان يقال: " الشكر قيد النعم ". وقال مطرف بن عبد الله: " لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر". وقال الحسن: " أكثروا من ذكر هذه النعم فمان ذكرها شكر ". وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه فقال: (وأما بنعمة ربك فحدث) والله تعالى يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته، فإن ذلك شكرها بلسان الحال. 188
Страница 177