Эмоциональная сторона ислама
الجانب العاطفي من الإسلام
Жанры
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ الأمانة، وصدق الحديث، وحسن الخليقة، وعفة فى طعمة". وعن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أكل طيبا، وعمل فى سنة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة، قالوا: يا رسول الله إن هذا فى أمتك اليوم كثير. قال: وسيكون فى قرون بعدى قليلا " . وفى الحديث " من يستعفف يعفه الله " . وقد قال تعالى لأولياء اليتامى: (ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) . وقال للعزاب: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) . وفى الرضا بالواقع، وحسن استغلاله، ورد السخط على الأقدار يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير الذكر الخفى، وخير العيش ما يكفى ". وفى الحديث " يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى " . وعن عبد الله بن الشخير: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ (ألهاكم التكاثر... ) قال: يقول ابن آدم " مالى مالى!! وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنينت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت " . وظاهر من التأمل فى الآثار الأخيرة أنها تحارب رذائل الشره والطمع، والتبرم بالميسور، والبخل فى وجوه الحق. إن اشتهاء الدنيا بجنون وطغيان يكاد يختلط بدماء الناس ولحومهم، ويخرج بهم عن جادة الاعتدال والحكمة. والإنسان مجادل طويل اللسان فى تسويغ شهواته، وبسط حاجاته، وتحقير ما عنده، وإعلان التمرد عليه، ونعته بأقبح النعوت!! وماذا يصنع الدين إن لم يهذب هذه الطباع، ويدرب البشر على فضائل العفة والقناعة؟ 161 وبديهى أن العفاف لا ينافى الإثراء من وجوه الخير، وأن القناعة لا تنافى السعى إلى حالة أفضل، وسنشرح ذلك على ضوء ما نورد من نصوص. وقبل أن نتناول الموضوع كله بالشرح نحب أن نثبت رأى العلماء الحفاظ فى بعض أحاديث الزهد المشهورة. ذكر الحافظ المنذرى عن سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنه قال: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلنى على عمل إذا عملته أحبنى الله وأحبنى الناس!. فقال: ازهد فى الدنيا يحبك الله، وازهد فيما فى أيدى الناس يحبك الناس..!! قال: رواه ابن ماجه وقد حسن بعض مشايخنا إسناده. وفيه بعد، لأنه من رواية خالد بن عمرو القرشى الأموى السعيدى عن سفيان الثورى عن أبى حازم عن سهل. وخالد هذا قد ترك، واتهم، ولم أر من وثقه. قال الحافظ المنذرى بعد ما زيف سند الحديث : لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كونه راويه ضعيفا أن يكون النبى قاله أى بسند آخر!! وقد تابعه يعنى خالدا محمد بن كثير الصنعائى عن سفيان. ومحمد هذا وقد وثق على ضعفه وهو أصلح حالا من خالد، والله أعلم. هذا وقد ذكر المنذرى جملة أحاديث أخرى فى الزهد ، لم يبلغ أحدها مرتبة الصحيح، وإن كانت هذه الأحاديث مقبولة المعنى من حيث دلالتها على العفة والقناعة والرغبة فى الله والاكتراث بالدار الآخرة. وذلك ما جعل المنذرى رحمه الله يشرح قيمتها العلمية بالحكم الصائب على أسانيدها، ثم يروج للمعانى النبيلة التى احتوتها، وهى معان تستحق الحفاوة. بيد أننا نحن المسلمين الآن فى وضع دقيق يفرض علينا أن نسير بحذر فى تربية أمتنا، وعلاج العلل المتناقضة التى استشرت فى كيانها. إن حب الدنيا وكراهية الموت من أسباب الانهيار العسكرى الذى أصاب المسلمين فى الأعصار الأخيرة. والجهل بالدنيا، والعجز فى ساحاتها هما كذلك من أسباب الانهيار العام الذى استغله خصومنا فى النيل منا والإنحاء علينا. وقادة الفكر الإسلامى مسئولون عن أمرين: أولهما: تعزيز عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، وتذكير الإنسانية بمصيرها 162
Страница 149