Янаку Масамир Ард
الجنقو مسامير الأرض
Жанры
قلت له وأنا أقرب من الكتاب ، ولكنني في الحقيقة كنت بعيدا عنه بما يكفي، فأنا لا أريد أن أورط نفسي بما أسميه أعمال السحر، والشعوذة الفارغة، التي قد تنطلي على بعض الجهلاء، وكأنه سمع ما تهمس نفسي له به، قال لي: دا كتاب عادي، ألفه الإمام جلال الدين الأنبار، ينفعنا الله ببركته كما نفعنا بعلمه، ونقلته أنا بخط يدي، وجدته عند شيخ، ورفض يسلفني له، فنقلته.
أكدت له لو أن مؤلفه الإمام علي بن أبي طالب نفسه، أو جدي عبد الكريم إدريس آدم، عليهما رحمة الله، أنا أفضل أن يقرأ هو ما يريد قراءته، ولكي لا أكون حادا في اللفظ، تعللت له بضعف الإضاءة، وضعف نظر عيني، تبسمل وقرأ لي صفحتين لا أذكرهما، ولكنهما توضحان أن من يكذب ما ورد بهذا الكتاب يرمي بنفسه في تهلكة كبيرة ويخسر خيرا وفيرا، ومن يؤمن به ستحدث له أشياء كثيرة جيدة ذكر منها الكثير، على ما أظن أن جملة، أو جملتين، تتحدثان عن قسم غليظ، واسم الله الأعظم.
قال: من يمتلك اسم الله الأعظم يمتلك ربع الكون، وأن سر اسم الله الأعظم في هذا الكتاب الذي بين يديه الآن، ولم أحاول أن أستفسر أكثر؛ لأنه سوف يجرجرني لمجاهل أكثر غموضا، وقد يبقى معي الأسبوع كله، تبرع بنفسه أن قرأ لي عنوان الكتاب كاملا: جلجلوتية الأسرار، ويليه كتاب أحرف النار، للإمام الفقيه جلال الدين الأنبار.
قال لي إنه يستطيع أن يحدثني عن مستقبلي، وحظي في الدنيا والآخرة إذا أردت، وقال إن مختار علي عرف أن نهايته هي شجرة الموت من بين صفحات هذا الكتاب، وسألني سؤالا مباغتا: وين دهب «ذهب» الأم؟
قلت له ببراءة: سرقه لصوص وقتلوها.
قال مبتسما فيما يعني أن ذلك قمة الجهل، وهو نفسه كاد يقع في ذات الفهم، عندما سمع أن الأم وجدت مقتولة وبدون كنزها من الذهب الذي لا تقل قيمته عن مائة مليون بر إثيوبي، الحقيقة الوحيدة في هذه القصة أن الأم وجدت ميتة، ولكن من قتلها وأين كنزها؟ هذا ما يعرفه هو وحده في الحمرة، هو والله في الكون كله، هو عن نفسه سوف لا يفشي السر مطلقا، قد يفعل الله في يوم ما، فلله في خلقه شئون.
ما كنت أحتاج لفض سر موت الأم، أحتاج للنوم أكثر، أحتاج لراحة البال، وأن يذهب عني هذا الرجل الشرير، وألا ينسى بأن يأخذ كتابه معه، ولكنه سألني أيضا فجأة: عايز «أتريد أن» تعرف نفسك تموت متين؟
في الحقيقة أحسست ببعض الارتباك، فسألته ما إذا كان يعرف هو نفسه متى يموت، فأجابني بالنفي، وذلك لا لشيء إلا لأنه لا يرغب في ذلك، ولا يريد أن يزعج نفسه بمثل هذه الأمور، ولكنه يعرف أن ذلك الشيء يمثل أهمية كبيرة لبعض الناس، وخاصة أهل المدن الذين يخططون لمستقبلهم بصورة طيبة، وقد افتكر أنني واحد ممن يهمه ذلك.
قلت له عكس ما كنت أرغب فيه: ما عايز «لا أريد.»
صمت طويلا، أغلق كتاب، أدخله بدقة وقدسية في الحقيبة السمسونايت العجوز، نهض واقفا، نفض التراب عن جلبابه النظيف، ودعني، وقبل أن يختفي تماما أي ما زلت أراه عبر ضوء المصباح الشحيح صاح في بصوت غليظ أجرش، وكأنه قادم من قبر منسي، قائلا: ستموت في عمر 75 سنة، وشهرين، وثلاثة أيام، في المساء، في بلد غريبة، وبعيدة.
Неизвестная страница