Янаку Масамир Ард
الجنقو مسامير الأرض
Жанры
أضاف مقررا بأن ذلك هو خاتم الجن، وأنه عندما سألها عن حقيقته هربت منه، واختفت عن ناظريه ، ولم يرها منذ ذلك اليوم إلا في الحلة معي.
وقالت لي وهي تبكي: استرني يا إسحاق ود درينق، استرني، لكن أنا حبيت أقول لك عملا لوجه الله وحده!
قلت له: ومن وين عرفت أنت ختم الجن؟
قال لي إنه قضى معظم سنوات حياته على شاطئ نهر سيتيت، بين هشابة، الجيرة، الحفيرة، همدائييت، الحمرة، زهانة والشواك، إلى خشم القربة، وأن بهذه المنطقة أكبر مملكة للجن في العالم، هم خدام سيدنا سليمان، الذين تفرقت بهم السبل بعد موته، وخشم القربة بالذات ذكرت سبع مرات في كتاب جلجلوتية الأسرار، يسكن بأم أسود المكان المعروف خلف ضريح الشيخ أبشرا، شرق السلخانة القديمة، مالك ملوك الجان نفسه المعروف بالأنور، وشاهده الكثير من سكان خشم القربة، ولكن دون أن يدروا حقيقة ما يشاهدون؛ حيث إنه يظهر مرة واحدة في العام، وذلك في ذكرى اليوم الذي أعادت السمكة فيه خاتم النبي سليمان الذي سرقه الجن من زوجته، عند ذلك اليوم يفيض النهر وتخرج الأسماك، وهي حفيدات وأحفاد السمكة الجدة التي ابتلعت الخاتم، وأعادته للنبي سليمان، ليلتقطهما الناس بالأيدي يشوونهما على الجمر، أو يسلقونهما بالماء، وهو عقاب يلحقه بهما مالك ملوك الجان سنويا في يوم مشهود يسميه المحجوبون «يوم دق السمك»، والأجدى بهم أن يدعوه يوم «السمكة»؛ لأنه لولا أن أعادت السمكة الجدة الخاتم للنبي سليمان لما استعاد سطوته، وجبروته على الجن، وأذلهم، ولما انتقم منها في أحفادها، لكن لجهل البشر بعلم الأسرار وضعف بصرهم وبصيرتهم، فلا أحد ينتبه له، قد يظهر في صورة تمساح، أو طائر غريب، أو سمكة، لا يستطيع أحد صيدها، أو كما يشاء من هوام الأرض.
أجمل كما لو أنه أراد أن يختتم كلامه قائلا فيما يشبه نظرية، أو قولا منزلا: عن أن الشخص الذي ضاجع امرأة من الجن، لا يذوق بعدها طعما لأي امرأة أخرى، وأكد لي بصورة قاطعة أنه منذ أن عاشر ألم قشي قبل خمسة عشر عاما وإلى الآن لم يلمس أي امرأة كانت، وسألني بصورة مباغتة: هل هبشت أنت مرا بعد ألم قشي؟
وقبل أن أجيبه أضاف بصورة درامية في الحقيقة أقرب للكوميديا السوداء: أنا مش ح أخليها، ح ترجع لي، ح ترجع لي، وأنا، ما ح أموت قبل اليوم داك أبدا.
قلت له ساخرا: يعني أنت في الصف معاي؟
قال بجدية، مما جعلني أشك في سلامة قواه العقلية: مش أنا وأنت فقط، يفوتوا الألف ألف ألف من الرجال، في الدنيا كلها منتظرين.
ولم أقل له كلمة أخرى، بل تمنيت لو ذهب الآن وغرب عن وجهي للأبد، ما كنت أرغب في أن أراه مرة أخرى، تمنيت لو كنت في حلم، ولكن للأسف كنت أعايش واقعا فعليا يمكن لمسه، سماعه، رؤيته، والتحدث إليه، بقي معي إلى ما بعد منتصف اليوم، يتحدث عن ممالك الجان، وأوطانهم، وأسمائهم، وحلاوة نسائهم، وأنهم يوجدون في كل مكان في كل أشكال الأشياء، ويمكن أن تكون نصف الأشجار التي حولنا الآن من الجان، ويمكنهم التحور في شكل حشرات، طيور، حيوانات أو بشر، وفيهم المسلم، والمسيحي، واليهودي، والكافر، وفيهم الذكي والبليد، المستقيم والشقي، وأكد لي مرة أخرى أن الجن الذي يسكن الشرق كله من خدم النبي سليمان، الذين تفرقت بهم السبل بعد موت الملكة بلقيس حبيبة النبي سليمان، لسوء حظي أنني سألته عن حقيبة السمسونايت القديمة التي تقبع قرب رجله، وكان هدفي شريفا هو تحويل موضوع الحوار لأي شيء آخر غير الجن، وألم قشي، جلس على الأرض القرفصاء، تناول الحقيبة بهدوء لا يخلو من التوتر وادعاء القدسية، قرب منها مصباح الزيت الصغير، أدار أرقامها الصدئة القديمة فانفتحت، كان بها كتاب كبير أصفر الورق، يكاد يملأ الحقيبة كلها، ما تبقى من فراغ به أعشاب جافة لم أرها من قبل، أو أنها لم تكن واضحة بما يكفي لكي أتبين فصيلتها، فقد ظل ضوء المصباح خافتا، قال لي وهو يفتح الصفحة الأولى من الكتاب: تعال اقرأ.
طلبت منه أن يقوم هو بالقراءة، إنني أفضل ذلك. - لا، عشان تتأكد لا أكثر. - أتأكد من شنو؟ - من الكتاب.
Неизвестная страница