ولو كان القول كما يقولون، لم يقاتل أبو بكر -رضي الله عنه- أهل الردة.
وقال الفضيل رحمه الله: يقول أهل البدع: الإيمان: الإقرار بلا عمل، والإيمان واحد، وإنما يتفاضل الناس بالأعمال، ولا يتفاضلون بالإيمان. ومن قال ذلك فقد خالف الأثر ورد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها: لا إله إلا الله وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (¬1).
وتفسير من يقول: الإيمان لا يتفاضل، يقول: إن الفرائض ليست من الإيمان. فميز أهل البدع العمل من الإيمان، وقالوا: إن فرائض الله ليست من الإيمان. ومن قال ذلك فقد أعظم الفرية، أخاف أن يكون جاحدا للفرائض، رادا على الله عز وجل أمره.
ويقول أهل السنة: إن الله قرن العمل بالإيمان، وإن فرائض الله من الإيمان، قالوا: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} فهذا موصول العمل بالإيمان. ويقول أهل الإرجاء: إنه مقطوع غير موصول.
وقال أهل السنة: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} [النساء: 124] فهذا موصول.
وأهل الإرجاء يقولون: بل هو مقطوع.
وقال أهل السنة: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن} [الإسراء: 19] فهذا موصول، وكل شيء في القرآن من أشباه ذلك، فأهل السنة يقولون: هو موصول مجتمع.
وأهل الإرجاء يقولون: هو مقطوع متفرق. ولو كان الأمر كما يقولون
Страница 49