Тафсир ат-Табари
جامع البيان في تفسير القرآن
[محمد: 4]؟ قيل: لو كان التنزيل جاء بالنصب، وكان: فاتباعا بالمعروف وأداء إليه بإحسان، كان جائزا في العربية صحيحا على وجه الأمر، كما يقال: ضربا ضربا، وإذا لقيت فلانا فتبجيلا وتعظيما غير أنه جاء رفعا، وهو أفصح في كلام العرب من نصبه، وكذلك ذلك في كل ما كان نظيرا له مما يكون فرضا عاما فيمن قد فعل وفيمن لم يفعل إذا فعل، لا ندبا وحثا. ورفعه على معنى: فمن عفي له من أخيه شيء فالأمر فيه اتباع بالمعروف، وأداء إليه بإحسان، أو: فالقضاء والحكم فيه اتباع بالمعروف. وقد قال بعض أهل العربية: رفع ذلك على معنى: فمن عفي له من أخيه شيء فعليه اتباع بالمعروف. وهذا مذهبي، والأول الذي قلناه هو وجه الكلام، وكذلك كل ما كان من نظائر ذلك في القرآن فإن رفعه على الوجه الذي قلناه، وذلك مثل قوله:
ومن قتله منكم متعمدا فجزآء مثل ما قتل من النعم
[المائدة: 95] وقوله:
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن
[البقرة: 229]. وأما قوله: { فضرب الرقاب } فإن الصواب فيه النصب، وهو وجه الكلام لأنه على وجه الحث من الله تعالى ذكره عباده على القتل عند لقاء العدو كما يقال: إذا لقيتم العدو فتكبيرا وتهليلا، على وجه الحض على التكبير لا على وجه الإيجاب والإلزام. القول في تأويل قوله تعالى: { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة }. يعني تعالى ذكره بقوله ذلك: هذا الذي حكمت به وسننته لكم من إباحتي لكم أيتها الأمة العفو عن القصاص من قاتل قتيلكم على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت منعتها من قبلكم من الأمم السالفة، { تخفيف من ربكم } يقول: تخفيف مني لكم مما كنت ثقلته على غيركم بتحريم ذلك عليهم ورحمة مني لكم. كما: حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي، قالا: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال الله في هذه الآية: { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر } إلى قوله: { فمن عفى له من أخيه شيء } فالعفو أن يقبل الدية في العمد، { ذلك تخفيف من ربكم } يقول: خفف عنكم ما كان على من كان قبلكم أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان.
حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل لا تقبل منهم الدية، فأنزل الله: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر } إلى آخر الآية { ذلك تخفيف من ربكم } يقول: خفف عنكم وكان على من قبلكم أن الدية لم تكن تقبل، فالذي يقبل الدية ذلك منه عفو. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } مما كان على بني إسرائيل، يعني من تحريم الدية عليهم. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كان على بني إسرائيل قصاص في القتل ليس بينهم دية في نفس ولا جرح، وذلك قول الله:
وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس والعين بالعين
[المائدة: 45] الآية كلها. وخفف الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة، وذلك قوله تعالى: { ذلك تخفيف من ربكم بينكم. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } وإنما هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية، وأحلها لهم، ولم تحل لأحد قبلهم. فكان أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو، وليس بينهما أرش. وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به، فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا أحلها لهم، ولم تكن لأمة قبلهم. حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله سواء، غير أنه قال: ليس بينهما شيء. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { كتب عليكم القصاص في القتلى } قال: لم يكن لمن قبلنا دية، إنما هو القتل أو العفو إلى أهله، فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: وأخبرني عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: إن بني إسرائيل كان كتب عليهم القصاص، وخفف عن هذه الأمة. وتلا عمرو بن دينار:ر ذلك تخفيف من ربكم ورحمة }. وأما على قول من قال: القصاص في هذه الآية معناه: قصاص الديات بعضها من بعض على ما قاله السدي، فإنه ينبغي أن يكون تأويله: هذا الذي فعلت بكم أيها المؤمنون من قصاص ديات قتلى بعضكم بديات بعض وترك إيجاب القود على الباقين منكم بقتيله الذي قتله وأخذه بديته، تخفيف مني عنكم ثقل ما كان عليكم من حكمي عليكم بالقود أو الدية ورحمة مني لكم.
القول في تأويل قوله تعالى: { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }. يعني تعالى ذكره بقوله: { فمن اعتدى بعد ذلك } فمن تجاوز ما جعله الله له بعد أخذه الدية اعتداء وظلما إلى ما لم يجعل له من قتل قاتل وليه وسفك دمه، فله بفعله ذلك وتعديه إلى ما قد حرمته عليه عذاب أليم. وقد بينت معنى الاعتداء فيما مضى بما أغنى عن إعادته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { فمن اعتدى بعد ذلك } فقتل، { فله عذاب أليم }. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: فمن اعتدى بعد أخذ الدية فله عذاب أليم. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله: فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يقول: فمن اعتدى بعد أخذه الدية فقتل، فله عذاب أليم. قال: وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" لا أعافي رجلا قتل بعد أخذه الدية "
Неизвестная страница