Тафсир ат-Табари

Ат-Табари d. 310 AH
246

Тафсир ат-Табари

جامع البيان في تفسير القرآن

فقالوا: اللهم وجدناك في كتابنا ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال وتهريق الدماء فأنزل الله: { من كان عدوا لله وملائكته } الآية. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: إن يهوديا لقي عمر فقال له: إن جبريل الذي يذكره صاحبك هو عدو لنا. فقال له عمر: { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين } قال: فنزلت على لسان عمر. وهذا الخبر يدل على أن الله أنزل هذه الآية توبيخا لليهود في كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وإخبارا منه لهم أن من كان عدوا لمحمد فالله له عدو، وأن عدو محمد من الناس كلهم لمن الكافرين بالله الجاحدين آياته. فإن قال قائل: أو ليس جبريل وميكائيل من الملائكة؟ قيل: بلى. فإن قال: فما معنى تكرير ذكرهما بأسمائهما، وقد مضى ذكرهما في الآية في جملة أسماء الملائكة؟ قيل: معنى إفراد ذكرهما بأسمائهما أن اليهود لما قالت: جبريل عدونا وميكائيل ولينا، وزعمت أنها كفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم من أجل أن جبريل صاحب محمد صلى الله عليه وسلم، أعلمهم الله أن من كان لجبريل عدوا، فإن الله له عدو، وأنه من الكافرين. فنص عليه باسمه، وعلى ميكائيل باسمه، لئلا يقول منهم قائل : إنما قال الله: من كان عدوا لله وملائكته ورسله، ولسنا لله ولا لملائكته ورسله أعداء لأن الملائكة اسم عام محتمل خاصا وجبريل وميكائيل غير داخلين فيه.

وكذلك قوله: { ورسله } فلست يا محمد داخلا فيهم. فنص الله تعالى على أسماء من زعموا أنهم أعداؤه بأعيانهم ليقطع بذلك تلبيسهم على أهل الضعف منهم، ويحسم تمويههم أمورهم على المنافقين. وأما إظهار اسم الله في قوله: { فان الله عدو للكافرين } وتكريره فيه، وقد ابتدأ أول الخبر بذكره فقال: { من كان عدوا لله وملائكته } فلئلا يلتبس لو ظهر ذلك بكناية، فقيل: فإنه عدو للكافرين على سامعه من المعني بالهاء التي في «فإنه» أألله أم رسل الله جل ثناؤه، أم جبريل، أم ميكائيل؟ إذ لو جاء ذلك بكناية على ما وصفت، فإنه يلتبس معنى ذلك على من لم يوقف على المعنى بذلك لاحتمال الكلام ما وصفت. وقد كان بعض أهل العربية يوجه ذلك إلى نحو قول الشاعر:

ليت الغراب غداة ينعب دائبا

كان الغراب مقطع الأوداج

وأنه إظهار الاسم الذي حظه الكناية عنه. والأمر في ذلك بخلاف ما قال وذلك أن الغراب الثاني لو كان مكني عنه لما التبس على أحد يعقل كلام العرب أنه كناية اسم الغراب الأول، إذ كان لا شيء قبله يحتمل الكلام أن يوجه إليه غير كناية اسم الغراب الأول وأن قبل قوله: { فان الله عدو للكافرين } أسما لو جاء اسم الله تعالى ذكره مكنيا عنه لم يعلم من المقصود إليه بكناية الاسم إلا بتوقيف من حجة، فلذلك اختلف أمراهما.

[2.99]

يعني جل ثناؤه بقوله: { ولقد أنزلنا إليك آيات } أي أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات دالات على نبوتك. وتلك الآيات هي ما حواه كتاب الله الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم من خفايا علوم اليهود ومكنون سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل، والنبأ عما تضمنته كتبهم التي لم يكن يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم، وما حرفه أوائلهم وأواخرهم وبدلوه من أحكامهم، التي كانت في التوراة، فأطلعها الله في كتابه الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فكان في ذلك من أمره الآيات البينات لمن أنصف نفسه ولم يدعه إلى إهلاكها الحسد والبغي، إذ كان في فطرة كل ذي فطرة صحيحة تصديق من أتى بمثل الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات التي وصفت من غير تعلم تعلمه من بشر ولا أخذ شيء منه عن آدمي. وبنحو الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات } يقول: فأنت تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك، وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتابا، وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه. يقول الله: ففي ذلك لهم عبرة وبيان وعليهم حجة لو كانوا يعلمون. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة مولى ابن عباس، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال ابن صوريا القطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك بها فأنزل الله عز وجل: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون }. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال ابن صوريا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله. القول في تأويل قوله تعالى: { وما يكفر بها إلا الفاسقون }. يعني بقوله جل ثناؤه: { وما يكفر بها إلا الفاسقون } وما يجحد بها. وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الكفر الجحود بما أغنى عن إعادته هاهنا. وكذلك بينا معنى الفسق، وأنه الخروج عن الشيء إلى غيره. فتأويل الآية : ولقد أنزلنا إليك فيما أوحينا إليك من الكتاب علامات واضحات تبين لعلماء بني إسرائيل وأحبارهم الجاحدين نبوتك والمكذبين رسالتك أنك لي رسول إليهم ونبي مبعوث، وما يجحد تلك الآيات الدالات على صدقك ونبوتك التي أنزلتها إليك في كتابي فيكذب بها منهم، إلا الخارج منهم من دينه، التارك منهم فرائضي عليه في الكتاب الذي تدين بتصديقه. فأما المتمسك منهم بدينه والمتبع منهم حكم كتابه، فإنه بالذي أنزلت إليك من آياتي مصدق. وهم الذين كانوا آمنوا بالله وصدقوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل.

[2.100]

اختلف أهل العربية في حكم «الواو» التي في قوله: { أو كلما عاهدوا عهدا } فقال بعض نحويي البصريين: هي واو تجعل مع حروف الاستفهام، وهي مثل «الفاء» في قوله:

أفكلما جآءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم

Неизвестная страница