Тафсир ат-Табари
جامع البيان في تفسير القرآن
وقال آخرون: مسلمة من العيوب. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { مسلمة لاشية فيها } أي مسلمة من العيوب. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { مسلمة } يقول: لا عيب فيها. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { مسلمة } يعني مسلمة من العيوب. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قال ابن عباس قوله: { مسلمة } لا عوار فيها. والذي قاله ابن عباس وأبو العالية ومن قال بمثل قولهما في تأويل ذلك أولى بتأويل الآية مما قاله مجاهد لأن سلامتها لو كانت من سائر أنواع الألوان سوى لون جلدها، لكان في قوله: { مسلمة } مكتفى عن قوله: { لاشية فيها }. وفي قوله: { لاشية فيها } ما يوضح عن أن معنى قوله: { مسلمة } غير معنى قوله: { لاشية فيها }. وإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام أنه يقول: إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض وقلبها للحراثة ولا السنو عليها للمزارع، وهي مع ذلك صحيحة مسلمة من العيوب. القول في تأويل قوله تعالى: { لاشية فيها }. يعني بقوله: { لاشية فيها }: لا لون فيها يخالف لون جلدها. وأصله من وشي الثوب، وهو تحسين عيوبه التي تكون فيه بضروب مختلفة من ألوان سداه ولحمته، يقال منه: وشيت الثوب فأنا أشيه شية ووشيا. ومنه قيل للساعي بالرجل إلى السلطان أو غيره: واش، لكذبه عليه عنده وتحسينه كذبه بالأباطيل، يقال منه: وشيت به إلى السلطان وشاية، ومنه قول كعب بن زهير:
تسعى الوشاة جنابيها وقولهم
إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
والوشاة جمع واش: يعني أنهم يتقولون بالأباطيل، ويخبرونه أنه إن لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم قتله. وقد زعم بعض أهل العربية أن الوشي: العلامة. وذلك لا معنى له إلا أن يكون أراد بذلك تحسين الثوب بالأعلام، لأنه معلوم أن القائل: وشيت بفلان إلى فلان غير جائز أن يتوهم عليه أنه أراد: جعلت له عنده علامة. وإنما قيل: { لاشية فيها } وهي من وشيت، لأن الواو لما أسقطت من أولها أبدلت مكانها الهاء في آخرها، كما قيل: وزنته زنة، ووسيته سية، ووعدته عدة، ووديته دية. وبمثل الذي قلنا في معنى قوله: { لاشية فيها } قال أهل التأويل. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { لاشية فيها } أي لا بياض فيها. حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { لاشية فيها } يقول: لا بياض فيها.
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { لاشية فيها } أي لا بياض فيها ولا سواد. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية: { لاشية فيها } قال: لونها واحد ليس فيها لون سوى لونها. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { لاشية فيها } من بياض ولا سواد ولا حمرة. حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { لاشية فيها } هي صفراء ليس فيها بياض ولا سواد. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { لاشية فيها } يقول: لا بياض فيها. القول في تأويل قوله تعالى: { قالوا الآن جئت بالحق }. اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { قالوا الآن جئت بالحق } فقال بعضهم: معنى ذلك: الآن بينت لنا الحق فتبيناه، وعرفناه أنه بقرة عينت. وممن قال ذلك قتادة. حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { قالوا الآن جئت بالحق } أي الآن بينت لنا. وقال بعضهم: ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن القوم أنهم نسبوا نبي الله موسى صلوات الله عليه إلى أنه لم يكن يأتيهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك. وممن روي عنه هذا القول عبد الرحمن بن زيد. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: اضطروا إلى بقرة لا يعلمون على صفتها غيرها، وهي صفراء ليس فيها سواد ولا بياض، فقالوا: هذه بقرة فلان { الآن جئت بالحق } وقبل ذلك والله قد جاءهم بالحق. وأولى التأويلين عندنا بقوله: { قالوا الآن جئت بالحق } قول قتادة وهو أن تأويله: الآن بينت لنا الحق في أمر البقرة، فعرفنا أنها الواجب علينا ذبحها منها لأن الله جل ثناؤه قد أخبر عنهم أنهم قد أطاعوه فذبحوها بعد قيلهم هذا مع غلظ مؤنة ذبحها عليهم وثقل أمرها، فقال: { فذبحوها وما كادوا يفعلون } وإن كانوا قد قالوا بقولهم: الآن بينت لنا الحق، هراء من القول، وأتوا خطأ وجهلا من الأمر. وذلك أن نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم كان مبينا لهم في كل مسألة سألوها إياه، ورد رادوه في أمر البقرة الحق. وإنما يقال: الآن بينت لنا الحق لمن لم يكن مبينا قبل ذلك، فأما من كان كل قيله فيما أبان عن الله تعالى ذكره حقا وبيانا، فغير جائز أن يقال له في بعض ما أبان عن الله في أمره ونهيه وأدى عنه إلى عباده من فرائضه التي أوجبها عليهم: { الآن جئت بالحق } كأنه لم يكن جاءهم بالحق قبل ذلك.
وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم، وكفروا بقولهم لموسى: { الآن جئت بالحق } ويزعم أنهم نفوا أن يكون موسى أتاهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك، وأن ذلك من فعلهم وقيلهم كفر. وليس الذي قال من ذلك عندنا كما قال لأنهم أذعنوا بالطاعة بذبحها، وإن كان قيلهم الذي قالوه لموسى جهلة منهم وهفوة من هفواتهم. القول في تأويل قوله تعالى: { فذبحوها وما كادوا يفعلون }. يعني بقوله: { فذبحوها } فذبح قوم موسى البقرة التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها. ويعني بقوله: { وما كادوا يفعلون } أي قاربوا أن يدعوا ذبحها، ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك. ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله كادوا أن يضيعوا فرض الله عليهم في ذبح ما أمرهم بذبحه من ذلك. فقال بعضهم : ذلك السبب كان غلاء ثمن البقرة التي أمروا بذبحها وبينت لهم صفتها. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا أبو معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظي في قوله: { فذبحوها وما كادوا يفعلون } قال: لغلاء ثمنها. حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي، قال: ثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي: { فذبحوها وما كادوا يفعلون } قال: من كثرة قيمتها. حدثنا القاسم، قال: أخبرنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد وحجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس في حديث فيه طول، ذكر أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض، قوله: { فذبحوها وما كادوا يفعلون } لكثرة الثمن، أخذوها بملء مسكها ذهبا من مال المقتول، فكان سواء لم يكن فيه فضل فذبحوها. حدثت عن المنجاب، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: { فذبحوها وما كادوا يفعلون } يقول: كادوا لا يفعلون. ولم يكن الذي أرادوا لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها، وكل شيء في القرآن «كاد» أو «كادوا» أو «لو» فإنه لا يكون، وهو مثل قوله: أكاد أخفيها. وقال آخرون: لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن أطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه إلى موسى. والصواب من التأويل عندنا، أن القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة للخلتين كلتيهما إحداهما غلاء ثمنها مع ذكر ما لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها. والأخرى خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم بإظهار الله نبيه موسى صلوات الله عليه وأتباعه على قاتله. فأما غلاء ثمنها فإنه قد روى لنا فيه ضروب من الروايات. فحدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا، فباعهم صاحبها إياها وأخذ ثمنها.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال: اشتروها بملء جلدها دنانير. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كانت البقرة لرجل يبر أمه، فرزقه الله أن جعل تلك البقرة له، فباعها بملء جلدها ذهبا. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن مجاهد، قال: أعطوا صاحبها ملء مسكها ذهبا فباعها منهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيل، عن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا يقول: اشتروها منه على أن يملئوا له جلدها دنانير، ثم ذبحوها فعمدوا إلى جلد البقرة فملئوه دنانير، ثم دفعوها إليه. حدثني محمد بن سعيد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني يحيى، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: وجدوها عند رجل يزعم أنه ليس بائعها بمال أبدا، فلم يزالوا به حتى جعلوا له أن يسلخوا له مسكها فيملئوه له دنانير، فرضي به فأعطاهم إياها. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: لم يجدوها إلا عند عجوز، وإنها سألتهم أضعاف ثمنها، فقال لهم موسى: أعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا، واشتروها فذبحوها. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: قال أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: لم يجدوا هذه البقرة إلا عند رجل واحد، فباعها بوزنها ذهبا، أو ملء مسكها ذهبا، فذبحوها. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: وجدوا البقرة عند رجل، فقال: إني لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا، فاشتروها بملء جلدها ذهبا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: جعلوا يزيدون صاحبها حتى ملئوا له مسكها وهو جلدها ذهبا. وأما صغر خطرها وقلة قيمتها، فإن: الحسن بن يحيى حدثنا، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، قال: حدثني محمد بن سوقة ، عن عكرمة، قال: ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير. وأما ما قلنا من خوفهم الفضيحة على أنفسهم، فإن وهب بن منبه كان يقول: إن القوم إذ أمروا بذبح البقرة إنما قالوا لموسى:
أتتخذنا هزوا
[البقرة: 67] لعلمهم بأنهم سيفتضحون إذا ذبحت فحادوا عن ذبحها. حدثت بذلك عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه. وكان ابن عباس يقول: إن القوم بعد أن أحيا الله الميت فأخبرهم بقاتله، أنكرت قتلته قتله، فقالوا: والله ما قتلناه، بعد أن رأوا الآية والحق. حدثني بذلك محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس.
[2.72]
Неизвестная страница