============================================================
الغنى العقل، وأفقر الفقر الجهل، وأوحش الوحشة العجب، واكرم الكرم حسن الخلق، قال: فما الأربع الأخر. قال: إياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة الكذوب، فاته يقرب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل فإنه يخذلك في [مالك] أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه .
ومن جواهر كلامه: الفقيه كل الفقيه من لا يقنط الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يؤمنهم عذاب الله، ولم يدع القرآن رغبة منه إلى غيره، وإنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا علم لا فهم معه، ولا قراءة لا تدبر فيها، إمام عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وقال لما سثل عن القدر: طريق مظلم لا تسلكه، بحر عميق لا تلجه، سر الله قد خفي عليك لا تفشه، أيها السائل ان الله تعالى خلقك لما شاء أو لما شئت؟ قال بل لما شاه، قال: فيستعملك كما شاء(1)، إن للنكيات نهايات لا بد لأحد إذا نكب أن ينتهي إليها، فينبغي للعاقل إذا اصابته نكبة أن ينام لها حتى تتقضي مدتها، فإن رفعها قبل انقضاء مدتها زيادة في مكروهها، وسئل عن السخاء فقال: ما كان منه ابتداه، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتكرم، وقال له عدوه، ثبتك الله قال: على صدرك، وكان يقول: التقوى ترك الإصرار على المعصية، وترك الإصرار بالطاعة، وكان يقول القلوب أوعية وخيرها أوعاها، ثم يقول آه آه إن ههنا علما ويشير إلى صدره، لو أصبت له حملة، وكان يقول موت الإنسان بعد أن كبر وعرف ربه خير من موته طفلا ولو دخل الجنة بغير حساب، قلت لأن الكمال فوق النقصان ولا كمال فوق معرفته تعالى، إذ هي الحكمة في إيجاد العالم كما ورد في أحد وجوه تفسير قوله تعالى، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوني، أي ليعرفوني، ونطق به الحديث (1) في شرح نهج البلاغة 29/ 191: "قال عليه السلام وقد سثل عن القدر: طريق مظلم فلا تسلكوه، ثم سئل ثاتيأ فقال: بحر عميق فلا تلجوه، ثم سثل ثالتا، فقال: سر الله فلا تتكلفوهه وما بعده لم برد في النهج
Страница 54