268

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يتوضأ منه) (¬1) قال أصحاب الحديث (¬2) : الظاهر ولغير (¬3) البائل الممنوع أن يتوضأ منه، والنظر يوجب عندي أن النهي عن التوضيء منه لقلته؛ لأن الراكد من الماء قد يكون كثيرا، ويدل على ما قلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم "حكمي على (¬4) الواحد منكم حكمي على الجميع" لقول الله عز وجل: { وما أرسلناك إلا كافة للناس } . وليس إذا ذكر واحدا بمنع أو إباحة لم يدخل فيه معه غيره (¬5) في باب العبادة، والحال (¬6) بينهما واحد (¬7) والله أعلم؛ والماء الراكد على ضربين: فراكد قليل، وراكد كثير، وقد روي من طريق آخر أنه قال عليه السلام: "الماء الدايم" (¬8) ، فالخبر إذا سلم طريقه وصح نقله، فالنهي عن القليل الذي لا يحمل النجاسة لقلته، ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : "الماء لا ينجسه شيء" يريد والله أعلم إنه لا ينجسه شيء لكثرته وغلبته على النجاسة، وإذا وقع في ماء بير أو غيرها إنسان، فمات فيه أخرج منها ونزح ماؤها كله أو مقدار ما فيها من الماء إذا لم يقدر على نزح مائها كله، لما روي (¬9) عن ابن عباس وابن الزبير أنهما نزحها زمزما من زنجي وقع فيها فمات، والتقدير لأصاحبنا في نزح البير النجسة أربعين دلوا أو خمسين دلوا، إنما هو مقدار ما فيها من الماء قبل أن يزيد ماء العيون، هكذا ظني أن قصدهم هذا، والله أعلم.

¬__________

(¬1) متفق عليه، ورواه الجماعة.

(¬2) من (ب) ، (ج) أصحاب الحديث الظاهر.

(¬3) (ج) ولعن .

(¬4) من (ج) .

(¬5) من (ج) .

(¬6) في (أ) والمجال .

(¬7) ساقطة من (ج) .

(¬8) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .

(¬9) رواه أبو داود والبيهقي .

Страница 268