قال أصحابنا باستعمال السمن الذائب (¬1) إذا حكم له بحكم النجاسة للسراج؛ لأن ما عرض فيه من النجاسة لم تحرم (¬2) عين السمن (¬3) ، وإنما منع من استعماله للأكل لاختلاط النجاسة به، فإن قال قائل: لم لا يكون محرما الانتفاع به لأجل نجاسته لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها) (¬4) ، قيل له: الشحم حرمه الله عليهم بعينه فعينه محرمة عليهم: والشحم والسمن الحلال المعترض عليهم النجاسة ليس كذلك، بل إنهما عرض فيهما من النجاسة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فإن كان مائعا فأريقوه وإن كان جامدا فألقوها وألقوا ما حولها) (¬5) .
ولو جاز الانتفاع به ما أمرنا بإراقته، وهو ينهى عنه إضاعة المال، ألا ترى إلى سؤر الكلب لما لم يجوز الانتفاع به أمرنا بإراقته، ولما مر بشاة مولاة لميمونة وهي ميتة لم يجوز الانتفاع بها في الحال بوجه من الوجوه لبقي المعنى الذي به يتوصلون إلى الانتفاع به مع حصول النجاسة في الحال الثاني وهو الدباغ، فلو كان للسمن وجه يجوز الانتفاع به مع حصول النجاسة فيه لما أمرنا بإراقته، قيل: إن الأمر بإراقته لا يوجب ترك الانتفاع به من قبل أن إراقته فيه إستهلاك، وقد يقع فيه الاستهلاك بوجه وينتفع به مثل الدباغ والسراج وغيره أيضا، فإن الذي أفادنا الأمر بإراقته هو المانع من أكله، وقد روي عنه _ صلى الله عليه وسلم _ أنه أمر بالاستصباح به من طريق علي، وإذا كان الأمر على هذا حملناه على الوجه الذي يقع فيه (¬6) الانتفاع به، وإن كان استهلاكا إذا لم يكن ذلك الانتفاع بالأكل. وإذا جاز الانتفاع به بعد الدباغ وإن كان نجسا أباح ما كان ممنوعا من أجله والله أعلم.
مسألة (¬7)
¬__________
(¬1) (ج): الذيب.
(¬2) (أ ) تحرم.
(¬3) من (ب) ، (ج)، (أ) غير.
(¬4) متفق عليه.
(¬5) متفق عليه.
(¬6) ناقصة من (ج)
(¬7) في(ب) فإن قال قائل.
Страница 266