وإذا تيمم المسافر ودخل في صلاة ثم رأى الماء أن عليه أن يقطع الصلاة ويرجع إلى الطهارة بالماء، فإن قال قائل: لم أوجبتم عليه الخروج من الصلاة وقد دخل فيها بأمر الله جل ذكره، وقد تطهر بالطهارة التي أمر الله بها عند عدم الماء، وحصل بها طاهرا، وكان مأمورا بالصلاة؟ قيل له: عليه استعمال الماء عند وجدانه إياه لعموم الخبر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الصعيد الطيب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج، فإن وجدت الماء فأمسسه جلدك) (¬1) ولم يذكر في صلاة من غير صلاة؛ قال الله تعالى: { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء } (¬2) ، الدليل على أن للجنب أن يتيمم إذا لم يجد الماء، لأن الله جل ذكره في ابتداء الآية بأنواع الطهارات بالماء، فلما قال: { وإن كنتم مرضى أو على سفر? } أراد أن تكون طهارة التيمم مقام الطهارات بالماء والله أعلم، فوجب أن يكون قوله: { أو لامستم النساء? } كناية عن الجماع، وليقوم ذلك مقام قوله: { وإن كنتم جنبا فاطهروا } (¬3) ، ويؤكد ذلك ما روي عن عمار أنه أجنب فتمعك في التراب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما يكفيك هكذا، ومسح بكفيه وجهه ويديه) (¬4) ، ومن طريق أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الجنب أيتيمم؟ قال: (التيمم طهور المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته) (¬5) ، وظاهر الخبر يدل على أن الغسل باليد ليس بواجب والله أعلم؛ والتيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين، كما لابد لكل عضو من ماء جديد. وقد روي مثل ذلك عن عمار أنه قال: (تيممنا في سفر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربتين: فضربة للوجه، وضربة لليدين) (¬6)
¬__________
(¬1) تقدم ذكره.
(¬2) النساء: 43 ، المائدة: 6.
(¬3) المائدة: 6.
(¬4) رواه أحمد والنسائي.
(¬5) كيفية التيمم.
(¬6) رواه أحمد والنسائي..
Страница 236