وأنه إن لم يؤخذ تلف فأخذه وحفظه لربه احتسابا ممن فعله، ولا يكون المحسن مسيئا ولا معلوما، وإنما يكون داخلا في النهي من جنس بعير لغيره على نفسه واقتطعه عن ربه متعديا في أخذه، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (من آوى الضالة فهو ضال ما لم يعرفها)، فهذا يدل على أنه إذا عرفها فحبسها على ربها كان مأجورا. وروى أصحاب الحديث من مخالفينا عن الزهري أنه قال: كانت الإبل أيام عمر بن الخطاب مؤتلفة تناتج لا يمسكها أحد، حتى كان في أيام عثمان فأمر ببيعها بعد تعريفها، فإن جاء لها رب دفع إليه ثمنها. واختلف في النفقة على البعير إذا حبسه على ربه ولم يجد سبيلا إلى النهوض بنفسه، فقال بعضهم: للمنفق على ربه النفقة. وقال آخرون: لا نفقة له على رب البعير؛ لأنه مقطوع بفعله ولا مفروض له بأمره، ولا وكله بالنفقة على بعيره، وهذا القول الأخير أشبه بمعنى السنة، وأقرب إلى النفس؛ لأن فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يلزم في النفس من فعل الواجب ولا يجب أن يكون به بدل، وبالله التوفيق.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ضالة المؤمن حرق النار) وقال عليه السلام: (لا يؤوي الضالة إلا ضال). فذهب بعض الناس إلى أن اسم الضالة يقع على اللقطة، وإنما ضمانها غير زائل وإن عرفها بظاهر الخبر.
وقد ذكرنا هذه المسألة وشرحنا هذه الأخبار وغيرها مما هو في معناها من الأخبار في غير هذا الموضع. ومن قال بأن اللقطة يقع عليها اسم ضالة فعندي أن قوله غلط، لأن اللقطة لا يقع عليها اسم ضالة، والضالة إنما تكون في الحيوان، ولا يعرف الناس في كلامهم غير هذا والله أعلم لأنهم يقولون في اللقطة ضاعت وسقطت، وفي الحيوان ضلت وذهبت، ونحو هذا وجدته لأبي عبيدة قاسم بن سلام.
الباب الثاني في الوضوء ونحوه
بسم الله الرحمن الرحيم.
Страница 162