وثانيتها: الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم، وثالثتها: اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية، ورابعتها: تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن، وخامستها: تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده» (١).
وقال أيضا: «فإلى فقه مالك المنتهى، فعامة آرائه مسدّدة، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيل ومراعاة المقاصد لكفاه. ومذهبه قد ملأ المغرب والأندلس، وكثيرا من بلاد مصر، وبعض الشام، واليمن والسّودان، وبالبصرة وبغداد والكوفة، وبعض خراسان» (٢).
فهذه شذرات من فضائل هذا الحبر، ولمعات من ترجمة الإمام البحر، الذي أطبقت الأمة على تقديمه وإجلاله، وعلى الاقتداء به في علمه وخلاله؛ أجعلها طليعة هذا الكتاب المختص بتراجم الفقهاء من أصحابه وأتباعه الذين ارتضوا مذهبه، وانتهجوا قواعده.
وأقتصر في هذه الحلقة الأولى من الجمهرة على التراجم التي عقدها القاضي عياض في كتابه الحفيل النفيس (ترتيب المدارك) (٣)، دون الطبقة الحادية عشرة التي لا توجد في نسخ هذا الكتاب، والتي تفرد بنقلها عنه استقلالا محمد بن حماده السّبتي في مختصر ترتيب المدارك، مع إفرادي تراجم أوردها القاضي عياض تبعا - كذكره بعض آل المترجم معه -، وذلك إذا ترجح لي كونهم من الفقهاء المالكية، وبهذا يبلغ مجموع تراجم هذه الحلقة (١٤٧٧) ترجمة.
_________
(١) تذكرة الحفاظ: ١/ ٢١٢.
(٢) سير أعلام النبلاء: ٨/ ٩٢.
(٣) سيأتي الكلام عن هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى - في أول المقدمة.
1 / 16