أيَّ بُعْدٍ! ! فعندئذٍ وجَدتُ مَسَّ الحقَّ في فقده، وإذا هو كانَ يكون مَعِي وإن خِلْتُه بعيدًا، وكانَ يكونُ مُعيني وإن لم أسْتَعِنْه، وكان يكون نورَ طَريقي، وإن خلتُ الطريقَ مُضيئًا من ذات نَفْسِه!
فأَيُّ هَدْي طُمِس عنَّي بفقْدِك! وأَيُّ دليلٍ نأى عنِّي برحيلك! وأَي نورٍ غارَ عني بغيابِك! وأَيُّ حُزْنٍ بَقِي لي بفَنائِك! فيا ابنَ أبي وأمَّي:
لَوْ كَانَ يُنجِي من الرَّدَى حَذَرُ ... نَجَّاكَ مِمَّا أصابَكَ الحَذَرُ
يَرْحَمُكَ الله من أَخِي ثِقةٍ ... لمَ يْكُ في صَفْوِ وُدَّهِ كَدَرُ
فَهَكَذَا يَذْهَبُ الزَّمَانُ ويَفْنَى العِلمُ فِيِه وَيدْرُسُ الأَثَرُ" (١)
وسيظل هذا الرجل أثرًا ضخمًا في ضمير هذه الأمة بما أسداه للعربية والإسلام من آثار علمية ذاهبة في الندرة والنفاسة، وجهاد صادق في الدفاع عن الحق.
رحمك الله يا أبا الأشبال رحمة واسعة، وبَرَّدَ مضجعك، وجعلَ ما قدمته في ميزان حسناتك يوم تلقاه.
أسأل الله أن يمهد لي طريق الصواب، وأن يغفر لي زلتي، وأن يعينني بحوله وقوته، فقد برئت إليه سبحانه من كل حول وقوة، وهو وحده المستعان، وله الحمد والمنة، ومنه الجزاء والثواب، وإليه المرجع والمآب.
عبد الرحمن بن عبد العزيز بن حمَّاد العقل
_________
(١) انظر: مقدمة محمود شاكر لتفسر الطبري الجزء الرابع عشر.
1 / 8