Сбор средств для объяснения похвал
جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
Издатель
المطبعة الشرفية - مصر
Место издания
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
الِاتِّكَاءَ بِالْمَيْلِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ; لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْآكِلِ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مَجْرَى الطَّعَامِ الطَّبِيعِيِّ عَنْ هَيْئَتِهِ، وَيَعُوقُهُ عَنْ سُرْعَةِ نُفُوذِهِ إِلَى الْمَعِدَةِ، وَيَضْغَطُ الْمَعِدَةَ فَلَا يَسْتَحْكِمُ فَتْحُهَا لِلْغِذَاءِ.
وَنُقِلَ فِي الشِّفَاءِ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ بِالتَّمَكُّنِ لِلْأَكْلِ، وَالْقُعُودِ فِي الْجُلُوسِ، كَالْمُتَرَبِّعِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ تَسْتَدْعِي كَثْرَةَ الْأَكْلِ، وَتَقْتَضِي الْكِبْرَ.
وَوَرَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ زَجْرُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عِنْدَ الْأَكْلِ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ النَّخَعِيِّ، كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مُتَّكِئِينَ، مَخَافَةَ أَنْ يُعَظِّمَ بُطُونَهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَيُذْكَرُ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ لِلْأَكْلِ مُتَوَرِّكًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَضَعُ بَطْنَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى تَوَاضُعًا لِلَّهِ ﷿ وَأَدَبًا بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَالَ: وَهَذِهِ الْهَيْئَةُ أَنْفَعُ هَيْئَاتِ الْأَكْلِ وَأَفْضَلُهَا ; لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تَكُونُ عَلَى وَضْعِهَا الطَّبِيعِيِّ الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاتِّكَاءِ زِيَادَةُ التَّحْقِيقِ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ رَفْعُهُ (نَحْوَهُ) أَيْ مِثْلَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ مَعْنًى مَعَ اخْتِلَافِهِ لَفْظًا هَذَا، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ أَوَّلَ الْبَابِ أَوْ آخِرَهُ، لِئَلَّا يَقَعَ فَصْلٌ بِالْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْأَكْلِ بِالْأَصَابِعِ الثَّلَاثِ وَلَعْقِهِنَّ.
(حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ) بِسُكُونِ الْمِيمِ (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ) بِسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ (بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ ابْنٍ) بِالتَّنْوِينِ لِلتَّنْكِيرِ (لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ كَعْبٍ (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ وَيَلْعَقُهُنَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ يَلْحَسُهُنَّ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ، وَلَا يَضُمُّ إِلَيْهَا الرَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ، إِلَّا لِضَرُورَةٍ، فَقَدْ قِيلَ: أَنَّهُ ﷺ، رُبَّمَا يَسْتَعِينُ فِي الْأَكْلِ بِرَابِعِ أَصَابِعِهِ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ بِإِصْبَعَيْنِ، وَقَالَ: الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ بِهِمَا.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، مِنْ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَكَلَ أَكَلَ بِخَمْسٍ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَلِيلِ النَّادِرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ عَلَى الْمَائِعِ، فَإِنَّ عَادَتَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ هُوَ الْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَلَعْقُهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، قِيلَ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ ﷺ عَلَى الثَّلَاثِ ; لِأَنَّهُ الْأَنْفَعُ إِذِ الْأَكْلُ بِإِصْبَعٍ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ لَا يَسْتَلِذُّ بِهِ الْآكِلُ، وَلَا يَسْتَمْرِي بِهِ لِضَعْفِ مَا يَنَالُهُ مِنْهُ كُلَّ مَرَّةٍ، فَهُوَ كَمَنْ أَخَذَ حَقَّهُ حَبَّةً حَبَّةً، وَبِالْإِصْبَعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ، لَيْسَ فِيهِ اسْتِلْذَاذٌ كَامِلٌ مَعَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ الْفَرْدِيَّةَ، وَاللَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، وَبِالْخَمْسِ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الْحَرِيصِينَ
وَالْمُنْتَجِعِينَ يُوجِبُ ازْدِحَامَ الطَّعَامِ عَلَى مَجْرَاهُ، مِنَ الْمَعِدَةِ، فَرُبَّمَا انْسَدَّ مَجْرَاهُ، فَأَوْجَبَ الْمَوْتَ فَوْرًا وَفَجْأَةً.
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ فِيهِمَا (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَيْ جِيءَ (بِتَمْرٍ فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ) حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ (وَهُوَ مُقْعٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِقْعَاءِ، أَيْ جَالِسٌ عَلَى وَرِكَيْهِ، وَهُوَ
1 / 191