Джамаль ад-Дин аль-Афгани: Первое столетие 1897–1997
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Жанры
3
ثم يعدد الأفغاني بعض الرذائل وبعض الفضائل الفردية وآثارها على حياة الأفراد والجماعات. وربما تكرر البعض منها في
الرد على الدهريين . منها الجبن والذل؛ فالجبن لا يغني والشجاعة لا تفقر. والجبن أقبح عيوب الملوك؛ إذ يحتاج الملك الجبان إلى الصعلوك الشجاع، وبالتالي يستمد الملك الجبان وجوده من الرعية الشجاعة، ومن ثم يكون الجبن والشجاعة نقيضين، الجبن من الرذائل والشجاعة من الفضائل. ومن دواعي الذل المسكنة، والسؤدد مع عزة النفس. وأصغر الناس من يطلب موت الناس ليحيا، وأعظمهم من يستميت ليحيا ولو واحد من الناس. فالحقارة أنانية، حياة الفرد ولو مات الآخرون، والشهادة غيرية، موت الفرد ليحيا المجموع. والتسفل أيسر من الترفع؛ لأن الترفع يحتاج إلى جهد ومعاناة وضبط للنفس. وساقط الهمة من علم موقع الفضيلة وصدق الدعوة ولم يبادر إليها بل ينتظر أن يكون تابعا مقلدا لغيره فيهما. وخبث النفس من الرذائل، ومن خبثت نفسه لان ملمسه وكثر ختله وخداعه. ومن الرذائل الإسراف في سوء استعمال الصحة. فإسراف الإنسان بصحته أضر من إسرافه بثروته. فالثروة تعوض، والصحة لا تعوض. ومن الأدواء والأمراض ما هي عند أكثر الناس نعمة تفوق نعمة العافية. ومثال الأمراض النفسية جمع المال مع صعوبة التمتع به وتربية الأولاد ثم استطالتهم على الأبوين. ووباء الغرض أفتك من دواء الأمراض؛ لأن فساد النية أخطر من فساد الجسد.
4
ويعد الأفغاني بعض الفضائل وهي عكس الرذائل؛ مثل الشجاعة والجبن، والترفع والتسفل، والرفعة والذل، والقناعة والطمع، والأمل وطلب المجد في مقابل سقوط الهمة. وتبدأ الفضائل بمحاسبة النفس أولا، وأمر النفس بها قبل أمر الغير. لو يحاسب الإنسان نفسه كما يحاسب غيره لقل خطؤه وقرب من الكمال. ومن عجز عن إصلاح نفسه كيف يكون مصلحا لغيره؟ وأقرب مواد العدل القياس على النفس، وعدم أمر الناس بالبر ونسيان النفس. والعاقل من مثل في نفسه مثال ما استحسن من غيره؛ فالبداية بالنفس قبل البداية بالغير. والبداية بالنفس شيء طبيعي في البشر؛ نظرا لأن حب المحمدة هو الدافع لحسن الأخلاق. العالم الإنساني كتاب مفتوح للنظر والقراءة، للعظة والاستبصار لكل ما خطه القدر الإلهي؛ فأول ما يلاحظ نهضة الشعوب وانهيارها وتبدلها في أطوار مختلفة. فمن الناس من يراها أحداثا بلا دلالات، ومنهم من يراها عظة وعبرة. والسبب في ذلك أن الله قد أودع في الإنسان ميلا وهو حب المحمدة الحقة، وحسن الذكر من وجوه الحق، ليس عن طريق الزور والغش والرياء. المحمدة غذاء روحي ومقوم نفساني. ومن الفضائل التوسط وعدم الإسراف. فالإنسان مسرف في كل شيء. لذلك كثر بين الناس المفرطون وقل المعتدلون. ومن أعظم مجال الحكمة المحافظة على الهيئة المتوسطة. والفضائل بلا شك هيئات متوسطة بين خلتين ناقصتين. ومن الصعب وضع حد للعفة وحصرها بداية وانتهاء. فالعفيف في الماديات مثلا إذا عف عن أخذ ألف دينار كيف يكون موقفه عن المليون إذا عرض عليه؟ فالفضيلة تختلف كما كاختلافها كيفا. ومن يقطع اليد في سرقة محفظة يترك من يسرق الملايين من ثروات الشعوب. وربما تكون القناعة أحد أسباب السعادة ولكن ليس لها حد معروف. ومع ذلك فإن أول صفة رافقت الإنسان الأول هو الطمع وفيه العناء وليس له حد. والقناعة وفيها الهناء وحدها ممكن وهو الاكتفاء بالموجود وترك المتشوق للمفقود ولكن لا يعمل بها أحد.
5
وتتداخل القيم الأخلاقية مع القيم الدينية مثل الإيمان ، وهو من أفعال الله كما هو الحال عند الأشاعرة. ومع ذلك ينقد الأفغاني ضعف الإيمان في نفوس المسلمين وجعلهم مذبذبين، مسلمين في النهار، منقلبين في الليل، سنيين وشيعيين، وهابيين وإباحيين، ومن القيم الدينية الأخلاقية الصبر والثبات. وهما فضيلتان مثل باقي الفضائل الأخلاقية، الصدق والكرم والشجاعة. أثبتهما الشعراء مثل زهير، والصوفية مثل الجنيد حتى لو كان على الرذائل مثل السرقة وقطع يد السارق ثم اليد الأخرى، ثم الرجل الأخرى، ثم الصلب؛ لأن السارق ثبت على السرقة، الثبات يعني التمسك بالطبيعة والفطرة
إنا خلقناهم من طين لازب ،
أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير . والعجيب أن الأفغاني لا يجعل فضيلة الصبر والثبات فقط على الخير، مثل الثبات في الجهاد من أجل النصر في مواجهة الجبن، فلا يهزم جيش يتحلى قائده بالصبر والثبات واقتحام الموت قبل الجنود ولكن أيضا على الشر. بل إن الصبر فضيلة في الطبيعة، في النبات. فالقوي من الشجر لا يعجل بالثمر. ومن الفضائل الدينية الأخلاقية السعادة. فالسعادة في الدنيا ضالة البشر. وإذا وجدها أحد قلما يدل عليها. وربما ليست من موجودات هذا العالم الفاني. يراها الأفغاني غاية قصوى يستأثر بها الفرد وكأنها أنانية لا يجوز تعميمها على الغير. ويعتبرها خارج هذا العالم كما يفعل الصوفية.
6
Неизвестная страница