Джамаль ад-Дин аль-Афгани: Первое столетие 1897–1997
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Жанры
(1) القضاء والقدر
بالرغم من أن الأفغاني ظل أشعريا في التوحيد والعدل وخروج محمد عبده عليه إلى المنتصف فأصبح أشعريا في التوحيد معتزليا في العدل، إلا أنه حاول الخروج عن الأشعرية بنقده عقيدة القضاء والقدر التي صب فيها الكسب الأشعري في الممارسات الشعبية وتحول إلى جبر وظل معتزليا خارجيا في الإمامة يقول بضرورة الخروج على الحاكم الظالم، بينما ظل محمد عبده أشعريا مرجئا يقول بضرورة طاعة الإمام حتى ولو كان ظالما.
يبدأ الأفغاني ببيان أثر العقائد القلبية في الأعمال البدنية، وأن صلاح الأعمال وفسادها راجع إلى صلاح العقيدة. فإذا ما تم تأويل العقيدة الحسنة تأويلا سيئا تصبح وكأنها عقيدة سيئة وتبطل الأعمال. فالأعمال دليل على العقائد. لذلك يطعن البعض على العقائد والدين استنادا إلى أعمال بعض السذج. فإذا كان محمد بن عبد الوهاب قد بدأ بإصلاح العقيدة، ومدحت باشا بإصلاح الحكومة والإدارة فإن الأفغاني بدأ بإصلاح العقول والنفوس أولا ثم إصلاح الحكومة ثانيا، وربط ذلك بالدين. وإذا كان مدحت باشا يرى أن إصلاح الشعب يأتي عن طريق إصلاح الحكومة فإن الأفغاني يرى أن إصلاح الحكومة يأتي عن طريق إصلاح الشعب. وإذا كان مدحت باشا يرى أنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية والغاية الدستور فإن الأفغاني يرى أن القوة النيابية تنبعث من نفس الأمة.
1
ومثال هذه العقائد التي لها أبلغ الأثر على النفوس، عقيدة القضاء والقدر التي كثر اللغط فيها وسوء فهمها خاصة من الإفرنج؛ فقد زعموا أنها سبب تأخر المسلمين وضعفهم وفقرهم وفسادهم وكذبهم ونفاقهم، وأن الاعتلال بالقدر سبب الخيانة والتحاقد والتباغض والتفرق والجهل بالأحوال الحاضرة والمستقبلة والغفلة عما يضرهم وينفعهم، والركون إلى الحياة طعاما وشرابا ونوما دون تنافس في فضيلة والإضرار بالآخرين. تحول البأس بينهم والأمم تبتلعهم جزءا جزءا. قبلوا العوارض، وارتكنوا إلى السكون دون أداء الواجبات، ومالوا إلى التخاذل والتنافر، وإهمال المصالح العامة. والتنافر يذهب بشوكة الأمة، ويضيعها مثل الصراع بين زعيمين، وموالاة أحدهما للأجنبي ضد أخيه. وقعوا في الإسراف والتبذير والتخاذل، وسكنوا لغياب الجمعيات لإحياء الغيرة في النفوس. وسبب كل ذلك عقيدة القضاء والقدر التي تؤدي إلى الفناء والأفول. فالنظر أساس العمل.
لقد أخطأ الإفرنج في الخلط بين القضاء والقدر ومذهب الجبرية. وتابعهم المسلمون في هذا الخلط. والاعتقاد بالقضاء والقدر غير الاعتقاد بالجبر ولا من مقتضياته. ولا يوجد مسلم الآن، سنيا أو شيعيا، زيديا أو إسماعيليا، وهابيا أو خارجيا يرى مذهب الجبر المحض، وسلب الاختيار عن نفسه. انقرض مذهب الجبرية في أواخر القرن الرابع للجهرة. واستقرت في نفوس المسلمين عقيدة الكسب، مناط الثواب والعقاب. هنا يدافع الأفغاني عن القضاء والقدر باعتباره متكلما حديثا ضد الطعن على الإسلام والترويج للشبهات الجديدة التي تلتقي حوله من الغرب عامة والمستشرقين خاصة، رسالة القضاء والقدر إذن تعطي التفسير الصحيح للعقيدة التي كثر فيها لغط المغفلين من الإفرنج.
2
القضاء والقدر ترشد إليه الفطرة والدليل القاطع؛ فلكل حادث سبب يقارنه في الزمان. والإنسان لا يرى إلا الأسباب المباشرة دون الأسباب الأولى. وإرادة الإنسان حلقة من حلقات سلسلة العلل. وهي أثر من آثار الإدراك. والإدراك انفصال النفس بما يعرض للحواس والشعور بما في الفطرة من الحاجات. فلظواهر الكون سلطة على الفكر والإرادة. وهذه الأسباب من مدبر الكون الذي أبدع كل شيء وفقا للحكمة، وجعل كل شيء تابعا لشبهه في العالم الإنساني. ولا يمكن إنكار تأثير الفواعل الطبيعية والحوادث الدهرية في إدراك البشر.
3
وواضح اعتماد الأفغاني على وصف السنن الكونية والتحليل التاريخي لمسار العقائد، مثل انقراض الجبرية في أواخر القرن الرابع الهجري، وتحول الكسب الأشعري إلى جبرية في العقائد الشعبية. وبالرغم من أن الأفغاني يبدأ عادة بوضع قانون عام يندرج الموضوع تحته مثل أثر العقائد في سلوك الأفراد والجماعات، إلا أنه كثيرا ما يقع كالعادة أيضا في نوع من الخطابة والإنشاء، وتغليب أسلوب الداعية على أسلوب الباحث.
Неизвестная страница