Джамаль ад-Дин аль-Афгани: Первое столетие 1897–1997
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Жанры
فانضم إلى الجمعية الماسونية، المحفل الاسكتلندي، وأصبح من رؤسائها دون أن يخفي ذلك. وبعد أن عايشها انتقدها، ردا على من قال إنها لا دخل لها بالسياسة، وأنه يخشى عليها من بطش الحكومة. وضاق المحفل بآرائه التي ينتقد فيها الخمول والخوف والجبن. وأنشأ محفلا وطنيا تابعا للشرق الفرنسي لتحويل الماسونية الغربية إلى حركة وطنية مصرية. وانضم إلى المحفل عدد بارز من المفكرين والمصلحين المصريين من تلاميذه ومريديه من العلماء والوجهاء. وقسمه إلى شعب. شعبة لإنذار ناظر الجهادية لإنصاف الضباط المصريين الوطنيين الذين يعملون في السودان أكثر مما تسمح به القوانين الخاصة بالتناوب بين المصريين والشراكسة والمتمصرين. وطالب بأن تكون أقصى مدة للضابط المصري سنتين بعدها يستبدل بالمصري ضابط شركسي بدلا من مكوثه أربع سنوات دون استبدال أو استبدال مصري آخر لا سند له من أمير أو شفاعة من وزير، وشعبة أخرى لإنذار ناظر الحقانية، وثالثة للمالية ورابعة للأشغال، وغيرها لباقي النظارات والمصالح الأميرية لإحقاق الحق وإقامة العدل مع الموظفين المصريين والمساواة في الرواتب مع غير المصريين. وقامت الشعب بواجباتها خير قيام.
بلغ توفيق الأمر. وكان لا يبالي قبل ذلك بالماسونية. وجزع من تحويل الأفغاني لها إلى حركة وطنية مصرية. فتردد في زيارة الأفغاني له. ثم استدعاه الخديوي وأخبره أنه يحب الخير لكل المصريين ويبغي تقدم مصر. ومع ذلك قد تضر أفكار الأفغاني الثورية الشعب المصري؛ لأنه ما زال قاصرا عن فهمها كما هي العادة في فرض وصايا الحكام على الشعوب. دافع الأفغاني عن شعب مصر وأن من بينهم العقلاء والعلماء، وطالبه باشتراك الأمة في حكم البلاد. فهذا أثبت للعرش. ولم يرض الخديوي بكلامه وأضمر له الشر. واستأنف الأفغاني خطبه في المحفل الماسوني لتعليم الجاهل واستنفار الخامل وحث المستمعين على الدفاع عن حقوق الشعب المهضومة. وكان في مقدمتهم أديب إسحاق، طراز العرب وزهرة الأدب كما كان يسميه الأفغاني، أقرب التلاميذ إلى قلبه وهو النصراني، وكان يمسك بتلابيب محمد عبده صارخا فيه
والله إنك لمثبط . وهو المسلم.
وبدأت الحركة الوطنية في مصر في الظهور، وأخذت الحكومة حذرها منها. تماطلها وتجاملها وتتقرب إلى الشعب بالوعد بمجلس نيابي إذا ما حافظ على الهدوء. وطلب المصريون الأحرار من جمال الدين وضع خطة للمجلس النيابي.
12
وكانت تلك بداية الثورة العرابية، تحويل الماسونية إلى حركة سياسية وليست صوفية، وإلى حركة وطنية وليست غريبة. وتحول الأفغاني من مصلح الأمراء والوزراء والقادة والنخبة إلى فقيه الأمة ومثور الشعب. انتشرت أفكاره بين الوطنيين المصريين، وذاع نقده لسياسة بريطانيا. فترجمت إلى الإنجليزية ونشرت في جرائد إنجلترا، وأثارت جدلا واسعا شارك فيه جلادستون. ولما اشتدت خطورة المحفل تدخل قنصل إنجلترا عن طريق أعينه في الحفل، وأخاف الخديوي من خطورته، فأصدر أمرا بإخراجه من مصر عام 1879م وترحيله إلى الهند. وقابله في السويس بعض تلاميذه وقنصل إيران، وعرضوا عليه بعض المال، فرفض قائلا
أنتم إلى هذا المال أحوج، والليث لا يعدم فريسة حيثما ذهب . وأقام بحيدر أباد. وفيها كتب رسالته في الرد على الدهريين. وأجبرته حكومة الهند على عدم مغادرتها والبقاء في كلكتا حتى انتهاء الثورة العرابية. بعدها سمحت له بالمغادرة إلى أوروبا، لمدة أيام في لندن ثم بعدها في باريس. وأقام بها ثلاث سنوات، ولحق به محمد عبده.
وكانت تألفت في مصر جمعية من الفضلاء، جمعية العروة الوثقى. وكلفته أن ينشئ جريدة تدعو إلى الوحدة الإسلامية تحت لواء الخلافة. فكلف محمد عبده بتحريرها، ونشر منها ثمانية عشر عددا قبل أن تتوقف، صودرت في الهند. ووضعت تحت الرقابة في مصر بأمر من نوبار الأرمني. وصدر قرار من مجلس النظار بمنع دخول الجريدة الأراضي المصرية. ويغرم كل من توجد لديه نسخة منها من خمسة جنيهات إلى خمسة وعشرين جنيها، ويبرئ الأفغاني نظار مصر والخديوي من إصدار هذا الحكم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، مصريين أو شرقيين؛ لأنها تدافع عن المصريين وجميع الشرقيين، وتدعوهم إلى نبذ التنازع بينهم، وترتيب البيت من الداخل قبل الخارج. كانت مهمة الجريدة مناهضة سياسة بريطانيا. وكانت الشرطة الإنجليزية في الهند تستدعي المشتبه فيه بقراءة الجريدة وتمتحنه في آية الجهاد أو في حديث فيه. فإن لم يشأ الرد وأخبر أنه صوفي درويش معتزلي أمهل أربعة أيام لتحديد رأيه. فإذا أثبتها نفي نفيا مؤبدا إلى جزيرة إندومان حتى امتلأت بالعلماء.
ثم اندلعت ثورة المهدي في السودان، وزاد تدخل الإنجليز في مصر بحجة قمع ثورة السودان. فحذر الأفغاني جلادستون من سوء مصير غوردون. واستمر في الكتابة في موضوع السودان فحذر بريطانيا كاشفا دسائسها. حتى استدعياه سالزبوري وتشرشل إلى لندن لسؤاله عن رأيه في المهدي. فأوضح لهما خطأ سياسة إنجلترا نحو الإسلام ومصر والشرق. واقترحوا عليه تتويجه سلطانا على السودان لاستئصال ثورة المهدي وتحقيق أهداف بريطانيا. فرفض لأن بريطانيا تعطي ما لا تملك لمن لا يستحق كما فعل بلفور في وعده إلى وايزمان بإنشاء دولة فلسطين؛ فمصر للمصريين والسودان متمم لها، وصاحب الحق فيها الخليفة. والأولى ببريطانيا إصلاح أيرلندا. فأعجب به الأيرلنديون الأحرار. ثم عاد إلى فرنسا. واستمرت بريطانيا في مصادرة
العروة الوثقى . وأقام في باريس أكثر من ثلاث سنوات. نشر في المجلة عدة مقالات عن سياسات روسيا وإنجلترا ودولة الخلافة في مصر. وأجرى حوارا مع الفيلسوف الفرنسي رينان في العلم والإسلام وحقيقة القرآن والمعجزات. وشهد له رينان بصحة العلم وقوة الحجة. ورجع عن كثير من آرائه في الإسلام والقرآن والحضارة والعمران، وأرجع تخلف المسلمين وتأخرهم إلى جمود رجال الدين.
Неизвестная страница